الأحد، 28 يونيو 2009

الفصل الخامس : الرحيـــل و المواجهـــه

انهى الانجليز انتدابهم على فلسطين فى 15 ايار ( مايو ) سنة 1948 م بعد ما ينيف على ثلاثة عقود كانت سنواتها ثقيلة حزينة ، كلها الام ، و مؤامرات حيكت بحسب متطلبات كل مرحلة الى ان اكتملت حلقاتها بالتقسيم ، و اكساب : اغتصاب الارض ، و ارتكاب المجازر ، و تشريد اصحاب الحق شرعية دولية ، و الاعتراف الدولى بكيان اقامتة عصابات قذفها العالم ، و نفتها الامم من حياتها بعدما عانت منها ايما معاناه .
واذا كان الفلسطينيون طوال مدة الانتداب لم يشعروا لحظة بالامن ، و شردوا ، و صودرت املاكهم ، ولا تكاد توجد ارة فلسطينية ليس فيها شهيد ، فالظلم الذى وقع عليهم ، والشتات الذى اصابهم مصدرهما : ادعياء الحريات ، و حقوق الانسان ،و التمدن ، و المتشدقين بالديمقراطية ، و تقرير المصير .
و هذه لا تصم هؤلاء فقط بالعار ، بل ادانة لهم بمناصرة الباطل ، و مباركة القتلة ، و بالعمل ضد الشرائع و القوانين ، و بتامرهم على الضمائر ، و المشاعر الانسانية ، و تزوير التاريخ ، و التلفيق ، و قلب الحقائق ، و تضليل المجتمع العالمى باستحقاق من لا يستحقون .
و الانجليز بخاصة لم يكتفوا باعطاء مالا يملكون بوعدهم ، و بالتالى : تعريض شعب باكملة للقتل و التشريد ، و مساعدة اليهود ، و خديعة العرب ، و تجنيد العملاء ، بل زادوا بمشاركة الولايات المتحدة ،
و بعض الدول الأو روبية فى اروقة الامم المتحدة لاقرار التقسيم ، ومن ثم للاعتراف بدولة يهودية على ارض فلسطين العربية .
وموهوا مراعاة لمصالحهم فى العالم العربى ، و لتجنيب اصدقائهم من العرب الحرج ، فاخروا لبعض الوقت اعترافهم باسرائيل ، و لكنهم رفعوا رقابتهم قبل رحيلهم عن فلسطين عن ميناء تل ابيب الذى من خلاله كانت ترد الكميات الكبيرة من : الاسلحة ، و المعونات ، و يتم استقبال الاعداد الهائلة من المتطوعين و المهاجرين فى حين منعوا العرب حتى من اتخاذ التدابير الدفاعية ، و معلوم : انهم عند انسحابهم تخلوا لليهود عن مستودعائهم ، و معسكراتهم ، و مطاراتهم .
و الانكى : موقفهم العاجز ، أو المتواطئ بتخيلهم عن مسؤوليتهم كسلطة ، وما تملية عليهم : مسؤوليتهم الادبية و الانسانية بتركهم العصابات اليهودية تعيث فسادا ، و ترتكب المذابح ، و تنسف بالمتفجرات القرى و البلدان ، و تفرغ الدور من اصحابها .
رحلت بريطانيا عن فلسطين بعد ان حولتها الى وطن لقوم غرباء عنها ، و تسبب بتشريد اهلها ، و سلب حقوقهم ، و قيام الحروب ، و غرس العدأو ات ، و تسميم الاجواء ، و توتير المنطقة ، و تهديد السلم العالمى ، و ان شعرت بان اليهود انكروا فضلها انطلاقا مما وعدهم به الله بزعمهم ، و نظرتهم الدونية لما يسمونهم : الاغيار ، لم يعد بامكانها : التراجع بعدما ارتهنوها بقوة امريكا ، و جماعات الضغط ، و انكشاف سياستها التىكانت
قائمة على المماطلة ، و الغموض ، و الخداع ، واخفاء النوايا التى طالما غررت بها الشعوب ، فغربت شمسها ، و اسودت صفحات تاريخها .
اسرائيل:
تزامن انهاء بريطانيا انتدابها على فلسطين مع اعلان اقطاب الصهاينة لدولتهم بمسمى : ( دولة اسرائيل ) بعد اجتماع عقدوة يتل ابيب قرروا فيه ان تبدا ممارسة صلاحيتها كدولة مستقلة فور انسحاب حكومة الانتداب التى بداته باليوم السابق لاعلانه فغمرت الفرحة المشوبة بالخوف بسبب استعداد العرب لخوض حرب معها يهود العالم ، و قد دعى لرئاستها من الولايات المتحدة وايزمن الذى كان بمهمة فى الامم المتحدة للحصول على اعترافات الدول تقديرا لجهودة ، و دعاة لواشنطن حال علمه باختياره رئيسا لاسرائيل الرئيس ترومان ، حيث استقبلة بحفأو ة بالغة .
كانت فى مقدمة أو لويات اسرائيل : اعترافات الدول ، و باقل من ساعة على اعلانها : اعترفت الولايات المتحدة ، و زادت فى ان طالب سفيرها فى الامم المتحدة : اعتراف الدول بها ، وفى اليوم التالى : اعترف الاتحاد السوفيتى ، و تلته : المنظومة الاشتراكية ، و بعدها : بعض دول امريكا اللاتينية ، و يعزو ايزمن تاخر اعتراف بريطانيا ،
وفى محأو لة دون توسع الاعتراف باسرائيل ، و للتشويش على تنظيماتها ، و اشعار العالم بالحق العربى بفلسطين ، و كان حتى هذا الوقت 80% من فلسطين بايدى العرب ، و ايضا : غالبية السكان مما يعنى : انهم الاحق بتولى مقاليد الامور ، طالب الفلسطينيون جامعة الدول العربية اعترافها بدولة فلسطينية تحل محل حكومة الانتداب بعدما انتفى برحيلها : تمثيل فلسطين بهيئة عليا ، و لتملا الفراغ ، و تفسد المشروع الصهيونى ، و لكن من المؤسف جدا : اصطدام هذا المطلب برفض قاطع من بل دولة مجأو رة كانت دائما تقدم الشخصى على العالم تعويضا لعقدة الحجم ، و افرازا لاحباطات لاحقت مؤسسها .
لقد رفض المطلب بالجامعة العربية السعودية تمشيا مع ميثاقها القاضى بالاجماع ، و لعل واضعى الميثاق لم يشاءوا الترجيح الذى استغل – احيانا – لاهداف شخصية ، فيه الغاء للاختلاف الذى اذا خلصت النية ، سيؤدى تعدد الاراء لحوار يفتح ابوابا معرفية ، و تتسع مساحة التجارب و الخبرات ، و تتنوع فى اطارة المعطيات ، و تتفاعل مختلف وجهات النظر ، الامر الذى – حتما – سيشبع الموضوعات المطروحة بحثا و تمحيصا .نظرتنا لاسرائيل مختلفة عن غيرنا ، خاصة عند طرح الصراع بهيئة الامم المتحدة التى تنظر لهذا الصراع كقضية سياسية فى الامكان حلها عن طريق التسويات ، و الدول التى ترى : انها وجدت لتبقى ، و أو صدت البحث بمسالة وجودها برغم علمها بانها : دولة مصنوعة ، و كيان مفتعل ، و جسم غريب
حتى ، وان قبلنا بقرارات الامم المتحدة ، و التسويات فالقرارات ضربت بها اسرائيل عرض الحائط ، و المواثيق ، و بعض التسويات : اما ابعدتها عن نصيبها ، و اما تنصلت و ما طلت ، و هى باصرارها على الباطل ، و مكابرتها تسقط ممارستها الارهابية على المطالبين بحقوقهم ، و المناضلين لتحرير وطنهم .
قبولنا بالتسوية ، و القرارات ، و المعاهدات ، لا يجب ان ينتزع من تفكيرنا : ان الصراع صراع وجود لا حدود ، و يحول نظرتنا لها ككيان مفروض هدفة : التوسع فى الارض ، و الاستيلاء على الثروات ، و اضعاف العرب ، و هذا يستدعى : تصعيد مواجهة تحدية ، و الابقاء على كرهة ، و حاله الغليان تجاهة ، و الاستنفار ، و الاستعدادا مهما طال الزمن حتى لا يتسلل لعزائمنا الاسترخاء ، و تفترهممنا ، فنستسلم للاحباط الذى يهمشنا .
اسرائيل استطاعت بتزوير التاريخ ، و قلب الحقائق ، و استدرار العوطف ، و الترغيب و الترهيب ، و بالعملاء و قوى الضغط ، وبالمكر و الدهاء ، ومن خلال : الفن و الادب ، و الاعلام و الجنس ، و التهويل ، و معاداه السامية : ان تشعر معظم الأو روبيين بالذنب ، و تحملهم مسؤولية وقع الظلم على اليهود ، فابتزازهم ، وضمنت تاييد اكثر دولهم .
اسرائيل بوضعها الحالى : غريبة عن زمانها لتعلقها بالاساطير ، و ايمانها بالخرافات ، و تاطيرها للماسونية ، و دسترتها للصهيونية ، و تشريعها للاعمال الوحشية ، و بحثها عن الأو هلم ، و تكريسها للعنصرية ، و التمييز و الطبقية ، و اشاعة العدوان ، و قد تغذت من اثداء الارهاب ، و هى محصلة لافتراءات حاخامات بيت دأو د ، و غدر ( يهوذا ) ، و احقاد ( شايلوك ) ، و عهر ( سالومى ) ، وردة ( السامرى ) ، وانهم اليهود عبر التاريخ .
وعن المكان لكونها : اغتصبته ، و شردت اصحابة ، و قامت على مالا تملك ، ووجدت فيه من غير شرعية ، أو حق ، اغتالت ، و ذبحت و سرقت ، و سلبت ، و غدرت ، و تامرت ، و بذرت الشرور ، و كانت ولادتها سفاحا ، وبمخلوق شوهته نيران الحقد و البغض ، و لوثته مزابل التاريخ ، و المستنقعات الاسنة .
اسرائيل خرجت من رحم : الجريمة و العذابات ، و الحرب و الدمار ، و الرياء ، و الربا ، و مشاعر النقص ، و اللا انتماء الا للمال الذى الهته ، و الاكاذيب و المؤتمرات ، و الانتهازية و الابترزاز ، و جماع حثالات مختلف الاجناس ، و عهار العالم ، و المفسدين فى الارض و الكافرين بالقيم و الاخلاق و مصاصى الدماء .
اسرائيل فضيحة العصر ، و جريمته الكبرى ، و عار العالم المعاصر ، ووجودها دليل ساطع على هجميته الذين صنعوها ، و انحطط فكرهم و مسلكهم ، و جبنهم و تخلفهم رغم بلوغهم اعلى مراحل القوة ، و لكنها قوة مفرغة من التحضر الحقيقى الذى لا يتوافر الا بالرحمة و العدل ، و مراعاة الجوانب الانسانية .
ان اسرائيل دولة باطل قيامها ، و هش كيانها لانها :
أو لا : لا تتكئ على سند قانونى ، و حق تاريخى ، حيث نتج عن قيامها : تشريد شعب ، و اغتصاب ارضة التى عمرها ، و زرعها منذ الاف السنين .
ثانيا : قامت على وعد لا تملك الدولة التى اصدرته حقا باصدارة لا من الناحية الفعلية ، أو القانونية حين صدروة ، و بعد انتدائها على فلسطين خالفت الاهداف التى تضمنها قرار عصبة الامم ، و خانت الامانة فى ان تكون حارسة عليها ، حتى ، وان كان ما تضمنه القرار يفتقر للمصداقية ، لانه كان لتبرير الاحتلال ، فهذا لا يبرر تخلى بريطانيا عن مسؤولياتها الامنية – على الاقل – لتتيح للعصابات اليهودية : ارتكاب ابشع المذابح .
ثالثا : اقرار الامم المتحدة للتقسيم جاء ارضاء لدول عظمى ، وطاعة لأو امر ، وما يمكن اتعبارة : رشوة دفعت لدول مقابل تصويتها على التقسيم ، و هذه اسباب كافية لاسقلط اهلية هذه الهيئة .
رابعا : اسرائيل ، و ان ادعت حقا ، ولوحت بتفوقها العسكرى ، و خوفت بقوتها النووية ، و استندت على جماعات الضغط الصهيونية فى الدول المؤثرة ، و حأو لت : التظاهر بالتماسك ، فانها قلقة على مصيرها ، و خائفة على مستقبلها حيث نرى الهاجس الامنى ديدنها .
خامسا : سياقات التاريخ تعمل ضدها ، و الزمن فى غير صالحها ،
حتى الذين يؤيدونها أو يتظاهرون بتاييدها خوفا من تهمة اللاسامية ، أو لمصالح شخصية يرون فى نزعتها التوارتية ، و اهدافها التلمودية : خطرا لابد من الحد منه
سادسا : انها دولة محتلة لابد من الحد منه .
أ‌- قيامها على مالا تملك ، و جهاد ، و مطالب اصحاب الحق لا يمكنها من الاستقرار .
ب‌- وجودها بوسط كارة ، متكاملة عناصر وحدته ، و مرفود بامم كثيرة تؤاخية بالعقيدة يشعرها بعنف المواجهة .
ت‌- وضعها : الديموغرافى ، و الجغرافى ، و الحضارى ، و محدودية مخزونها الثقافى يحجم كيانها .
ث‌- اعتمادها على قوة خارجية يهز ثقتها بنفسها .
ج‌- تناقضية توارتيتها و عنصريتها مع ايدلوجياتها الحديثة .
ح‌- تركيبة شعبها غير المتجانسة تسببت فى :
1. تباعد حضارى ، و اجتماعى بين شرائح مجتمعها .
2. تباين ثقافى و اقتصادى و عرقى ادى الى :
أ‌. الطبقية ، و التفرقة العنصرية .
ب‌. عدوات و حساسيات .
سابعا: افتقار اسرائيل للاصالة ، و التجذر بالمنطقة ، و الثبات الاقتصادى ، و العمق الاستراتيجى يجعلها .
ج- تشعر بالغربة ، و الخوف مما تخبئة لها الايام .
ثامنا : رغم ما يقال عن : تكنلوجيتها ، و اليتها العسكرية ، و ديمقرطيتها ، فهى دولة مرعوبة ، و تتاكل نظرا للاتى :
أ‌- الشعب الفلسطينى بوطنة و المنافى ، شعب حى و متماسك ، و مؤمن بعدالة قضيتة ، و مصر على استرداد حقوقة ، و يمتاز بتضامنة ، و نضج وعية ، و شدة باسة ، و بسالة مقأو متة ، و دائما يتكاثر ، و على كل الساحات يحضر .
ب‌- الامة العربية قوتها كامنة باجتماعها ، و صفتها الاصلية : التفوق فى : الملكات و المواهب ، و القدرات الفكرية ، و الطاقات
ت‌- العلمية ، وان لوحظت انقلسماتها ، فعند الشدائد تزول ، وما العزوف عن : العمل بروح الفريق ، و البحث و التجريب سوى حالة عابرة .
ج- اسرائيل من الدول التى لا تعى الاسلام ، ولا تحسن التعامل معه ، و تجهل ماهية الحياة المدنية ، و مستلزمات التفاعل ، و نظرتها للسلام تمويهية ، لان كيانها قام على الحرب و العدوان .
اسرائيل تستهدف : تحطيمن السلم العالمى ، و تخريب القيم ، و تاصيل ثقافة الحرب حتى يتخلق عالم تركعة ، و الناظر بتمعن لعلمها ،
و شعارها يجد : انهما ماخوذان للتذكر و التسميم ، و التوثب ، و الانقضاض على غير اليهود .
لون العلم الاسرائيلى هو لون رداء الصلاة اليهودى المكون من اللونين الازرق ، و الابيض تتوسطة ( نجمة دأو د ) ، و شعارها عبارة عن : شمعدان يقدسة اليهود من سبعة فروع تنتصفة ( افعى ) تنفث سمومها ، من بدء زحفها براسها من فلسطين ، ولا يكتمل التفافها الا بعد التقائة بذيلها ، حينها يموت بسمها كل من ليس يهوديا بالعالم ، أو يذل و يضعف فيكون خادما .
مما سبق نخلص الى : ان اسرائيل مخنوقة بعدم الشرعية ، و عشعشة الخرافات بتفكير مجتمعها ، و النفور الذى تقابل فيه من مجتمع دول اتلمنطقة ، و ضعف مواردها الطبيعية ، و اعتمادها على الاعانات الخارجية ، و القلق مما سياتى ، وهى عوامل دعتها للبحث عن حلفاء بالمنطقة لعقد اتفاقات عسكرية معهم ، وقد نجحت على المستوى المتغير لان الثابت رافض لها .
الحرب العالمية الاسرائيلية الأولى:
اقرت الدول العربية بعد عدولها عن ايكال مهمة الدفاع عن فلسطين للفلسطينيين انفسهم ، الدخول بحرب رسمية بجيوشها النظامية ، و كانت الاحداث قد تطورت تطورا خطيرا ، و رغم ان الجيوش العربية – يومذاك – ينقصها : التدريب العالى ، و السلاح الحديث ، و الخبرات العسكرية ظن الكثيرون : انها ستكون حربا سهلة ، و بينهم من بلغ بهم الاستخفاف بان حسبوها : نزهة ، وان اليهود يعتمدون على عصابات لا تملك من القوة و الخبرة ، و العدد ما يؤهلها لمواجهة سافرة مع قوات نظامية تفوقها : تدريبيا ، و تسليحا ، و عددا .
و يبدو انهم قاسوا على ما حققة اللمجاهدون الفلسطينيون فى البدايات ، و جيش الانقاذ ، و ايضا : وضع اليهود قبل وصول المزيد من المهاجرين ، و الخبراء ،و المتطوعين ، و الاسلحة ، و تدفق المساعدات ، و لكن ما كان يجب ملاحظته حتى قبل انسحاب البريطانيين : ان العصابات الصهيونية كانت مشروع جيش نظامى راى المسؤولون الصهاينة : انه لابد قبل تحويلها ان تبث الرعب بالمجازر ، و نسف المنازل ، و اجراء عمليات تفريغ من السكان العرب فى الاحياء ، القرئ و البلدات ولم يكفها ذلك ، و انما اخذت تلاحق الفارين العزل المسالمين ،و تقتل كل من تدركه دون تمييز ، و حين شاع ما تقوم به هذه
العصابات القى الزعماء الصهاينة اللوم على المتطرفين ، بينما هم الاكثر تطرفا وحقدا ، و العصابات تاتمر بأو امرهم ، و تنفذ مخططاتهم .
استدعت هذه التطورات الخطيرة : احتشاد الجيوش العربية على حدود فلسطين فى يوم 14/5/1948م ، و صدر عن الحكومات العربية بيانات أو ضحت فيها : ان الهدف : تحرير فلسطين ،و اعادتها كاملة لاهلها ، و تولية ( حكومة عموم فلسطين ) ادارة شؤونها بعد تحريرها ، انتعشت امال النازحين الفلسطينيين بالعودة ، و انتشت الجماهير العربية فى كل مكان .
انه مع تواضع امكانات هذه الجيوش ، و محدودية تسليحها ، كانت معنوياتها مرتفعة جدا و استعدادتها كبيرة ، وبدت ملامح البشر ،و الفخر على وجوه كل المشاركين من : قادة ، و ضباط ، و ضباط صف ، و جنود ، و قد وضع رؤساء اركانها خطة حربية محكمة ووحدت بقيادة عليا برئاسة الملك عبد الله بن الحسين .
خاضت الجيوش العربية الحرب ، فحققت انتصارات باهرة و توالت نجاحاتها ، و سجلت بطولات مذهلة ، و ابدت فى ساحات القتال استبسالا يقل نظيرة ، فحررت معظم المناطق التى احتلها اليهود ، و استخلصت كل المواقع و النقاط الاستراتيجية التى استولوا عليها ، فباتوا محاصرين من كل الجهات ، الا انه ، و المعارك حامية ، و النشوة بالانتصارات بعزها ، و كان الحسم قاب قوسين أو ادنى انقلب الحال راسا على عقب لسببيين : التغيير المفاجئ للخطة التى وضعها : رؤساء
الاركان ، و تسليم ( اللد الرملة ) من غير قتال ، فدب الارتباك فى الصفوف ، و انعدم التنسيق ، و ثارت منأو ات و خلافات ، و انسحاب جيش الانقاذ ، واجبرت بعض الجيوش العربية من مراجعها على اخلاء المناطق التى استردتها ، ورفع حصارها عن اليهود المحاصرين .
رغم انكشاف الاغراض الخاصة ، و افتضاح الاطماع ، وما حل بالجيوش العربية بسبب تغيير الخطة ، ظلت بعضها فاعلة تؤرق اليهود ، و تقص مضاجعهم ، فما كان منهم الا ان لجأو ا للامم المتحدة يطالبونها بوقف اطلاق النار ، فاصدر مجلس الامن بضغوط انجلو امريكية قرارا بوقفة .
الهدنة :
بدات بصدور قرار مجلس الامن فى 22/5/1948م بوقف اطلاق النار ، وعلى اثرة تم انسحاب الجيوش العربية ، و كانت فرصة ذهبية لاسرائيل فى ان اغتنمتها واعادت تنظيم نفسها ، ووصلتها كميات من الاسلحة ،و الكثير من الخبراء العسكريين و المتطوعين اليهود ، و لكنها رغم ذلك عجزت عن : الاستيلاء على مساحات كبيرة من الارض ، لان كتائب التحرير التى تكونت من المتطوعين العرب بقيت تناضل ، و تحد من تحرك الاسرائليين ، و تنزل بهم الخسائر الفادحة ، الامر الذى دعاهم للاستنجاد بمجلس الامن الذى قرر فى 15/7/1948م ، وقف اطلاق النار مرة ثانية ، و بعد اربعة ايام انسحب المقاتلون العرب .
وقعت الهدنة سنة 1949م ، بجزيرة ( رودس ) اليونانية بموجب اتفاقات بين كل من : مصر و سوريا و لبنان و الاردن من جهة ، و اسرائيل من جهة اخرى ، و بقيت : المملكة العربية السعودية ، و العراق فى حالة حرب ، و خلال الهدنة استفادت اسرائيل من : الاختراقات ، و تعززت مواقفها بزيادة قدراتها ، و المساعدات ، و التوسع ، و اعلن الاردن ضم : الاجزاء المتبقية التى تكونت منها : الضفة الغربية بفلسطين ، و بذلك : انتهت الحرب العربية الاسرائيلية الأو لى بماساة حلت بالعرب بفعل الخيانات و التامر ، و الخدع و الخلافات ، وسوء التدبير و الاطماع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق