هذه دراسة استخلصتها من محاو لات افراغ الامة العربية من مكوناتها التى غرست الاسلام بكيانها منذ ما ينيف على اربعة عشر قرنا ، فاعتزت بفضلها ، و نهضت بعدما توحدت ، و نشرت الدين الجديد ، و بلغت ما انزل على النبى الخاتم صلى الله عليه و سلم ، فعم النور ، و ساد العدل ، و انشرحت الصدور بالايمان و التسامح ، و استنارت الدنيا بحضارة انتخبت ، فخلت من الشوائب .
وايضا : من الهزة التى كادت تدمر الانسان العربى فى كل مكان على اثر نكسة حزيران سنة 1967م ، حيث لم يكن بمقدرورى سوى محأو لة التعرف على العدو ، ووقتها كان قد مضى على تخريجى من قسم التاريخ بجامعة الرياض عامان ، واعمل مذيعا باذاعة الرياض ، وط وال ايام الحرب التى لم تدم اكثر من سته ايام كنا فى استنفار .
منذ ذلك الحين حأو لت : التعرف على جذور اليهود ، و سلوكهم عبر التاريخ ، و منشا الصهوينه ، و تطورات قضية العرب المركزية ، و تتبع الحروب بين العرب و اسرائيل ، و مختلف السياسات و المواقف من خلال : ما جاء عنهم فى القران الكريم ، وفى العهدين : القديم و الجديد
بالكتاب المقدس ، و البروتوكولات، و العديد من المصادر . و المراجع ، و عقب عام النكسة بعامين حاضرات بنادى النصر الرياضى عن ( اليهود الام الانسانية ) نشرتها معظم الصحف السعودية ، و بعدها ببضعة اشهر القيت بمنتدى سمو الامير خالد الفيصل الثقافى محاضرة بعنوان ( الصهيونية )، و كانت انتفاضة الاقصى هبة بوجه الدنس ، و الظلم ، و قتلة الانبياء الذين اغتصبوا ، و شردوا ، و صادروا ، ويتموا ، و رملوا .
كانت الانتفاضة الباسلة سببا دفعنى لتجديد معلوماتى ، و الزيادة عليها ن فقمت باعداد ورقة وسمتها بـ (( اسرائيل .. وتحديات التطبيع )) الذى رايت ان الدعوة اليه خلفها اهداف شيطانية قد لا يدرك اغلب المطبعين مدى خطورته على الثقافة العربية اذا تحقق ، وقد سنحت لى دعوة النادى الادبى بالمنطقة الشرقية بالقائها فيه ، و لكننى وجدت : ان بعرض المربى ، و الاديب الكبير الاستاذ على العبادى رئيس النادى الادبى بمحافظة الطائف اصدار كتاب الفرصة التى تمنيتها لتطوير هذا الموضوع ، و التوسع فيه ليصدر فى كتاب ابدلت فيه ( المستقبل بالتطبيع ) ايمانا بضرورة استشرافة ، ومن ثم العمل لاخذ المكانه المهابة ، و المكينة سياسيا و اقتصاديا ، و ثقافيا و عسكريا ، و اجتماعيا فى عالم محموم لا يرق الا القوة ، ولا يحترم الا الوعى ، ولا يعترف الا بالندية .
ان الامة التى تخطط للمستقبل عقب استشرفة على ضوء الخلفيات ، و المعطى المعيش ، و توفير الاجواء المناسبة ، و الحوافز المحرضة على الابداع ، و البحث و التجريب لا تخيب ، لانه بامكانها و هذه حالها : مواجهة اصعب التحديات بالقيم و الاحياء ، و التفاعل ، و الانفتاح المحسوب ، و الامة العربية تملك من القيم الروحية وغنى التراث ، و القدرات الفكرية و العلمية ، و المواهب ، و الامكانات : المادية ، و البشرية ما يؤهلها لمواجهة اعتى التحديات ، و تحقيق التكامل الذى تسترد به الحقوق ، و يعاد المسلوب ، و تحقيق المكانه المرموقة .
وما هذا الكتيب سوى جهد المقل ، و مشاركة متواضعة لا يقاس بتضحيات ابطال الحجارة ، و جهاد الذين ضربوا المثل الاعلى فى الدفاع عن الدين ، و الوطن ، و الهوية الاسلامية العربية ،و العرض ، ولا يرقى مهما بلغ لدمعة ام شهيد ، و صمود صاحب ارض ، و مقأو مة طفل .
عبد الله الشهيل
الرياض فى 17/2/1422 هـ
الموافق11/5/2001م
مدخل:
اذا تجنبنا السياسة الاجرائية ، وما يختلف بشان ضرورات بعض الدول لانتهاج ما تراه ، ربما تكتيكا لحين سنوح الوقت المناسب للتخلى عن ارتباطاتها مع اسرائيل ، أو حتى تلك التى توصف بالمهرو له ان لطلب مصلحة ، أو لاسباب اخرى ، و نوعية المعاهدات المعقودة ، و مستوى العلاقة القائمة معها ، و اشكال التعامل و التعأو ن ، و اختلاف وجهات النظر حول كل ذلك .
وما تداعت به الاحداث من تصعيد افرزة تصرف ( شارون ) ، و تمادى اسرائيل فى التعدى ، و استنفزازات المستوطنين ، و التشددات و التسويفات الاسرائيلية فى المفأو ضة ، و الذين حسبوا : التسويات سلاما ، فتعجلوا المكاسب بالتنازلات ، و اختراق قلة من الزعامات العربية للاجماع العربى العربى من المحتمل : انه الى جانب مصلحتها ، و ضعف مقأو متها للضغوط ، رات بمخالفتها حضورا دوليا ، غير انها بذلك بعدت فى طروحاتها عن شعوبها .
واننا اذ سنحأو ل – ما امكن – الا ننزلق فى مهأو ى التخوين ، وكيل الاتهامات ، و نركز على : الصراع العربى الاسرائيلى فى ابعاده : الدينية ، و التاريخية ، و الثقافية ، و نتائجة : السياسة ، و الاقتصادية ، و الاجتماعية و العسكرية لنجدة بالمحصلة : صراعا حضاريا لا ريب انه : الاعنف و الاشرس ، و قد يكون الاطول ، و لكن المهم : الصبر فى
الوماجهة بقوة الايمان ، و نفى مختلف انواع الاحباطات عن المشاعر و الافكار ، و الاستمرار بالمقأو مة ، و التعبئة الفكرية و العلمية ،و التنمية الملبية للاحتياجات العقلية و البدنية ، و توحيد الاهداف ، و تاسيس اختلاف تنوع فى اطارة المعطيات، و تنسق كل المناشط ، و يصان التضامن ، و تتوافر بعدئذ امكانات الاستشراف و التميز .
مواجهة التحديات الصعبة يحتاج للاجدى و الابقى ، و ذلك بالتاهيلا المتكامل و هذا – حتما – سيحسم الصراع مع عدو حسب خطواته بدقة ، و كون عمقا له فى الدول العظمى ، و استطاع التاثير على الراى العام فيها ، حيث لاخيار للعرب حيال هذه التحديات فى عالم لا يعترف لعاجز بحق الا اذا استجاب لاعتى انواع التحدي حتى يتحول العجز لقدرة توصلة لمبتغاه كاملا غير منقوص .
التحدى و الاستجابة :
نظرية انتهى اليها الفيلسوف و المؤرخ البريطانى ( ارنولد تويبنى ) فى كتابة المهم (دراسة فى التاريخ ) بعد دراسة معمقة تنأو ل فيها : سيرورة الحضارات ، و الجهد الانسانى ، و منافع فكر و عمل الافراد و الجماعات ، و قد كشف مدى تاثير حركة الانسان ، و معطى المتغيرات ، و انعكاسات البيئة الطبيعية ، و عوامل تكوين الامم ، و بواعث نهوضها و تخلفها ، و دوامها و زوالها .
و تتبع بمنهجية صارمة عبر كل الازمنة و الامكنة ما اسفرت عنه : الابتكارات و الاضافات من تراكم معرفى ، و تطور هائل وسعا مجال الخيارات ، و تنويع الثقافة بالتخصصات ، فتاسست قواعد علمية و فكرية سهلت عمليات الارتياد ، واخصبت الابداع .
قسم توينبى التحدى الى ثلاثة انواع :
أو لا : التحدى البسيط : أو السهل ، و بخانته تقع الامم الخاملة التى لا تقوى على مواجهة غير ما يبقيها بذيل الامم ، مهمشة تعانى من الفقر و التخلف ، و المرض ، والصراعات الداخلية ، و الجهل الذى يعمى بصرها و بصيرتها .
ثانيا : التحدى الوسط : تقع فيه الامم متوسطة الذكاء التى بينها من باستطاعتها تعويض نقصها بمضاعفة جهودها ، و المثابرة على تطوير قدراتها بالاستفادة من خبرات و تجارب و علم و فكر الاخرين ، و استثمار شتى انواع المعطيات ، و تنمية مواردها لتصل لمواجهة التحدى الصعب ، و لكنها ان لم تفعل ستظل محدودة القدرات ، تغلب على حياتها الجوانب الاستهلاكية ، و الاعتماد على غيرها فى نهضاتها .
ثالثا : التحدى الصعب : هذا لا يتحقق الا للامم المتصفة بصفات ذاتية وموضوعية منها : النابع من ذاتها كالذكاء العالى ،و النشاط الدائم ، و التفكير المنظم و ما تكتسبة بالوعى كالاحساس بالمسئولية ، و قيمة
المشاركة ، و تبادل المصالح ،و التعأو ن بين افراد المجتمع ، و جميع المؤسسات ، و اهمية التنسيق الذى يضمن تفاعلها ، و ادامة نموها .
مثل هذه المم تتوافر فيها القدرات الفكرية و العلمية غير العادية ، و الخبرات النادرة ، و المواهب الخلافة ، و المناخات المشجعة ، والحوافز المحرضة على : التفكير و الابداع و العمل و انظمة و تشريعات نتعين بموجبها الحقوق و الواجبات ، و مختلف انواع الضمانات المكفولة بالفعل المؤسسى .
وانه اذا راينا لكل نوع من هذه الامم : ايجابياته و سلبياته لعلنا لا نخطى فى ان الامم المتقدمة المعاصرة بلغت ثقتها بنفسها حد الغرور ، و بات طوحها طمعا ، وان بدا اعتناقها للعلمانية مؤشرا لتخليها عن الغلو بالصليبية ، فدوسها على القيم لم يقتصر على اختلال مجتمعاتنا بالتفكك و الانحلال ، و الشذوذ و الانحراف ، وانما طال غيرها فى تعاملاتها الا اخلاقية ، وهى عاجزة عن ايجاد حلول لمشكلات كبيرة تهددها كالتلوث ، و الاختناقات المرورية ، و ازمات السكن ، و الاضرابات ، و نمو عصبيات الاقليات ، و انتشار الجريمة ، و تفشى الامراض الجنسية .
قد يرى البعض بنظرية توينبى : شبها بتقسيم العالم لثلاثة عوالم ، بيد ان الشبة لا يتعدى ذلك ، و الاختلاف يتسع ليشمل : المنطلقات ، و المقاصد ، و نوع الطرح .
منطلقات تويبنى : موضوعية انسانية ، و مقاصدة : علمية مجردة و رؤيته مؤسسة على ابعاد اخضعها لادوات بحثية عكست ماضيا انبضة
بالحيوية ، ووفر فيه امكانية التفعيل ، بينما تقسيم العالم انطلق من :
تصنيف قارى ، و فرز عرفى ، و رؤسة انية ، و الاخذ بمبدأ القوة .
و بنهاية هذا المدخل لا نريد ان نفوت ما قد يحسبة الكثيرون ، و يغفل عنه الاكثر من أن بعض استعمالات ليست سوى شكليات لا تمس العمق، و لا ضير من شيوعها ، و ليس هناك ما يدعو للخوف على الثقافة العربية منها ، و يبدو ان غير المكترثين بذلك ان بعلم و عافية ، أو عن جهل يتساهلون من غير تعمد : الاساءة فى امور يعتبرونها صغيرة و افترضنا ذلك رغم اهميتها ، فالصغير يكبر ، و الرقع ان لم يرتق يتسع .
اننا فى استعمال بعض المسميات ، و المصطلحات ،و المفردات التى لا حصر لها ، و الاعتقاد : بان تقليد الاقوى يكسبنا امتيازا ، و الاخذ بالاخطاء الشائعة باللغة باعتبار الصواب محنط فى القواميس ، فزاع
( خطا شائع ، ولا صواب مغمور ) واعتماد مفهومات لا تطابق موقعنا ، و تقسيمات الحقبو العصور ، و المواضع و الانصياق خلف تحديدات تبليل التفكير رغم ان بينها ما يمكن تعريبة ، و يوجد ما يقابلة ، أو تقعيدة و تطويعة بالصورة المنسوجة من التاثر الهاضم من خلال : مجامع اللغة و الجامعات ، و المدن العلمية ، و مراكز البحث فى العديد من الدول العربية ، و فيها ما هو علالى الكفائة ومدعوم ، و مجهز ، و مرفود بالعلماء و المتخصصين والخبراء و المفكرين ، الا انها : محدودة الاثر نتيجة :
المظهرية ، و الفردية و ضبابية الرؤية عن دورها ، و تجويز بعض المصطلحات ، و الكلمات و العبارات اضطرارا ، و التاثر و الانفتاح و التفاعل ، و التجأو ب مع ايقاع العصرنة ، لا يجب ان تنسينا معطانا فنذوب بغيرنا بتشوية قيمنا ، و ارباك ثقافتنا بالخلط ، و التهجين الاعتباطى ، و العاميات ، و تحويل انظارنا عن الاساسيات ، فنستلب بالتغريب و الابتعاد عن الاصالة ، و اهمال التراث فتضعف شخصيتنا بعد ان نشعر بالتضاؤل
وايضا : من الهزة التى كادت تدمر الانسان العربى فى كل مكان على اثر نكسة حزيران سنة 1967م ، حيث لم يكن بمقدرورى سوى محأو لة التعرف على العدو ، ووقتها كان قد مضى على تخريجى من قسم التاريخ بجامعة الرياض عامان ، واعمل مذيعا باذاعة الرياض ، وط وال ايام الحرب التى لم تدم اكثر من سته ايام كنا فى استنفار .
منذ ذلك الحين حأو لت : التعرف على جذور اليهود ، و سلوكهم عبر التاريخ ، و منشا الصهوينه ، و تطورات قضية العرب المركزية ، و تتبع الحروب بين العرب و اسرائيل ، و مختلف السياسات و المواقف من خلال : ما جاء عنهم فى القران الكريم ، وفى العهدين : القديم و الجديد
بالكتاب المقدس ، و البروتوكولات، و العديد من المصادر . و المراجع ، و عقب عام النكسة بعامين حاضرات بنادى النصر الرياضى عن ( اليهود الام الانسانية ) نشرتها معظم الصحف السعودية ، و بعدها ببضعة اشهر القيت بمنتدى سمو الامير خالد الفيصل الثقافى محاضرة بعنوان ( الصهيونية )، و كانت انتفاضة الاقصى هبة بوجه الدنس ، و الظلم ، و قتلة الانبياء الذين اغتصبوا ، و شردوا ، و صادروا ، ويتموا ، و رملوا .
كانت الانتفاضة الباسلة سببا دفعنى لتجديد معلوماتى ، و الزيادة عليها ن فقمت باعداد ورقة وسمتها بـ (( اسرائيل .. وتحديات التطبيع )) الذى رايت ان الدعوة اليه خلفها اهداف شيطانية قد لا يدرك اغلب المطبعين مدى خطورته على الثقافة العربية اذا تحقق ، وقد سنحت لى دعوة النادى الادبى بالمنطقة الشرقية بالقائها فيه ، و لكننى وجدت : ان بعرض المربى ، و الاديب الكبير الاستاذ على العبادى رئيس النادى الادبى بمحافظة الطائف اصدار كتاب الفرصة التى تمنيتها لتطوير هذا الموضوع ، و التوسع فيه ليصدر فى كتاب ابدلت فيه ( المستقبل بالتطبيع ) ايمانا بضرورة استشرافة ، ومن ثم العمل لاخذ المكانه المهابة ، و المكينة سياسيا و اقتصاديا ، و ثقافيا و عسكريا ، و اجتماعيا فى عالم محموم لا يرق الا القوة ، ولا يحترم الا الوعى ، ولا يعترف الا بالندية .
ان الامة التى تخطط للمستقبل عقب استشرفة على ضوء الخلفيات ، و المعطى المعيش ، و توفير الاجواء المناسبة ، و الحوافز المحرضة على الابداع ، و البحث و التجريب لا تخيب ، لانه بامكانها و هذه حالها : مواجهة اصعب التحديات بالقيم و الاحياء ، و التفاعل ، و الانفتاح المحسوب ، و الامة العربية تملك من القيم الروحية وغنى التراث ، و القدرات الفكرية و العلمية ، و المواهب ، و الامكانات : المادية ، و البشرية ما يؤهلها لمواجهة اعتى التحديات ، و تحقيق التكامل الذى تسترد به الحقوق ، و يعاد المسلوب ، و تحقيق المكانه المرموقة .
وما هذا الكتيب سوى جهد المقل ، و مشاركة متواضعة لا يقاس بتضحيات ابطال الحجارة ، و جهاد الذين ضربوا المثل الاعلى فى الدفاع عن الدين ، و الوطن ، و الهوية الاسلامية العربية ،و العرض ، ولا يرقى مهما بلغ لدمعة ام شهيد ، و صمود صاحب ارض ، و مقأو مة طفل .
عبد الله الشهيل
الرياض فى 17/2/1422 هـ
الموافق11/5/2001م
مدخل:
اذا تجنبنا السياسة الاجرائية ، وما يختلف بشان ضرورات بعض الدول لانتهاج ما تراه ، ربما تكتيكا لحين سنوح الوقت المناسب للتخلى عن ارتباطاتها مع اسرائيل ، أو حتى تلك التى توصف بالمهرو له ان لطلب مصلحة ، أو لاسباب اخرى ، و نوعية المعاهدات المعقودة ، و مستوى العلاقة القائمة معها ، و اشكال التعامل و التعأو ن ، و اختلاف وجهات النظر حول كل ذلك .
وما تداعت به الاحداث من تصعيد افرزة تصرف ( شارون ) ، و تمادى اسرائيل فى التعدى ، و استنفزازات المستوطنين ، و التشددات و التسويفات الاسرائيلية فى المفأو ضة ، و الذين حسبوا : التسويات سلاما ، فتعجلوا المكاسب بالتنازلات ، و اختراق قلة من الزعامات العربية للاجماع العربى العربى من المحتمل : انه الى جانب مصلحتها ، و ضعف مقأو متها للضغوط ، رات بمخالفتها حضورا دوليا ، غير انها بذلك بعدت فى طروحاتها عن شعوبها .
واننا اذ سنحأو ل – ما امكن – الا ننزلق فى مهأو ى التخوين ، وكيل الاتهامات ، و نركز على : الصراع العربى الاسرائيلى فى ابعاده : الدينية ، و التاريخية ، و الثقافية ، و نتائجة : السياسة ، و الاقتصادية ، و الاجتماعية و العسكرية لنجدة بالمحصلة : صراعا حضاريا لا ريب انه : الاعنف و الاشرس ، و قد يكون الاطول ، و لكن المهم : الصبر فى
الوماجهة بقوة الايمان ، و نفى مختلف انواع الاحباطات عن المشاعر و الافكار ، و الاستمرار بالمقأو مة ، و التعبئة الفكرية و العلمية ،و التنمية الملبية للاحتياجات العقلية و البدنية ، و توحيد الاهداف ، و تاسيس اختلاف تنوع فى اطارة المعطيات، و تنسق كل المناشط ، و يصان التضامن ، و تتوافر بعدئذ امكانات الاستشراف و التميز .
مواجهة التحديات الصعبة يحتاج للاجدى و الابقى ، و ذلك بالتاهيلا المتكامل و هذا – حتما – سيحسم الصراع مع عدو حسب خطواته بدقة ، و كون عمقا له فى الدول العظمى ، و استطاع التاثير على الراى العام فيها ، حيث لاخيار للعرب حيال هذه التحديات فى عالم لا يعترف لعاجز بحق الا اذا استجاب لاعتى انواع التحدي حتى يتحول العجز لقدرة توصلة لمبتغاه كاملا غير منقوص .
التحدى و الاستجابة :
نظرية انتهى اليها الفيلسوف و المؤرخ البريطانى ( ارنولد تويبنى ) فى كتابة المهم (دراسة فى التاريخ ) بعد دراسة معمقة تنأو ل فيها : سيرورة الحضارات ، و الجهد الانسانى ، و منافع فكر و عمل الافراد و الجماعات ، و قد كشف مدى تاثير حركة الانسان ، و معطى المتغيرات ، و انعكاسات البيئة الطبيعية ، و عوامل تكوين الامم ، و بواعث نهوضها و تخلفها ، و دوامها و زوالها .
و تتبع بمنهجية صارمة عبر كل الازمنة و الامكنة ما اسفرت عنه : الابتكارات و الاضافات من تراكم معرفى ، و تطور هائل وسعا مجال الخيارات ، و تنويع الثقافة بالتخصصات ، فتاسست قواعد علمية و فكرية سهلت عمليات الارتياد ، واخصبت الابداع .
قسم توينبى التحدى الى ثلاثة انواع :
أو لا : التحدى البسيط : أو السهل ، و بخانته تقع الامم الخاملة التى لا تقوى على مواجهة غير ما يبقيها بذيل الامم ، مهمشة تعانى من الفقر و التخلف ، و المرض ، والصراعات الداخلية ، و الجهل الذى يعمى بصرها و بصيرتها .
ثانيا : التحدى الوسط : تقع فيه الامم متوسطة الذكاء التى بينها من باستطاعتها تعويض نقصها بمضاعفة جهودها ، و المثابرة على تطوير قدراتها بالاستفادة من خبرات و تجارب و علم و فكر الاخرين ، و استثمار شتى انواع المعطيات ، و تنمية مواردها لتصل لمواجهة التحدى الصعب ، و لكنها ان لم تفعل ستظل محدودة القدرات ، تغلب على حياتها الجوانب الاستهلاكية ، و الاعتماد على غيرها فى نهضاتها .
ثالثا : التحدى الصعب : هذا لا يتحقق الا للامم المتصفة بصفات ذاتية وموضوعية منها : النابع من ذاتها كالذكاء العالى ،و النشاط الدائم ، و التفكير المنظم و ما تكتسبة بالوعى كالاحساس بالمسئولية ، و قيمة
المشاركة ، و تبادل المصالح ،و التعأو ن بين افراد المجتمع ، و جميع المؤسسات ، و اهمية التنسيق الذى يضمن تفاعلها ، و ادامة نموها .
مثل هذه المم تتوافر فيها القدرات الفكرية و العلمية غير العادية ، و الخبرات النادرة ، و المواهب الخلافة ، و المناخات المشجعة ، والحوافز المحرضة على : التفكير و الابداع و العمل و انظمة و تشريعات نتعين بموجبها الحقوق و الواجبات ، و مختلف انواع الضمانات المكفولة بالفعل المؤسسى .
وانه اذا راينا لكل نوع من هذه الامم : ايجابياته و سلبياته لعلنا لا نخطى فى ان الامم المتقدمة المعاصرة بلغت ثقتها بنفسها حد الغرور ، و بات طوحها طمعا ، وان بدا اعتناقها للعلمانية مؤشرا لتخليها عن الغلو بالصليبية ، فدوسها على القيم لم يقتصر على اختلال مجتمعاتنا بالتفكك و الانحلال ، و الشذوذ و الانحراف ، وانما طال غيرها فى تعاملاتها الا اخلاقية ، وهى عاجزة عن ايجاد حلول لمشكلات كبيرة تهددها كالتلوث ، و الاختناقات المرورية ، و ازمات السكن ، و الاضرابات ، و نمو عصبيات الاقليات ، و انتشار الجريمة ، و تفشى الامراض الجنسية .
قد يرى البعض بنظرية توينبى : شبها بتقسيم العالم لثلاثة عوالم ، بيد ان الشبة لا يتعدى ذلك ، و الاختلاف يتسع ليشمل : المنطلقات ، و المقاصد ، و نوع الطرح .
منطلقات تويبنى : موضوعية انسانية ، و مقاصدة : علمية مجردة و رؤيته مؤسسة على ابعاد اخضعها لادوات بحثية عكست ماضيا انبضة
بالحيوية ، ووفر فيه امكانية التفعيل ، بينما تقسيم العالم انطلق من :
تصنيف قارى ، و فرز عرفى ، و رؤسة انية ، و الاخذ بمبدأ القوة .
و بنهاية هذا المدخل لا نريد ان نفوت ما قد يحسبة الكثيرون ، و يغفل عنه الاكثر من أن بعض استعمالات ليست سوى شكليات لا تمس العمق، و لا ضير من شيوعها ، و ليس هناك ما يدعو للخوف على الثقافة العربية منها ، و يبدو ان غير المكترثين بذلك ان بعلم و عافية ، أو عن جهل يتساهلون من غير تعمد : الاساءة فى امور يعتبرونها صغيرة و افترضنا ذلك رغم اهميتها ، فالصغير يكبر ، و الرقع ان لم يرتق يتسع .
اننا فى استعمال بعض المسميات ، و المصطلحات ،و المفردات التى لا حصر لها ، و الاعتقاد : بان تقليد الاقوى يكسبنا امتيازا ، و الاخذ بالاخطاء الشائعة باللغة باعتبار الصواب محنط فى القواميس ، فزاع
( خطا شائع ، ولا صواب مغمور ) واعتماد مفهومات لا تطابق موقعنا ، و تقسيمات الحقبو العصور ، و المواضع و الانصياق خلف تحديدات تبليل التفكير رغم ان بينها ما يمكن تعريبة ، و يوجد ما يقابلة ، أو تقعيدة و تطويعة بالصورة المنسوجة من التاثر الهاضم من خلال : مجامع اللغة و الجامعات ، و المدن العلمية ، و مراكز البحث فى العديد من الدول العربية ، و فيها ما هو علالى الكفائة ومدعوم ، و مجهز ، و مرفود بالعلماء و المتخصصين والخبراء و المفكرين ، الا انها : محدودة الاثر نتيجة :
المظهرية ، و الفردية و ضبابية الرؤية عن دورها ، و تجويز بعض المصطلحات ، و الكلمات و العبارات اضطرارا ، و التاثر و الانفتاح و التفاعل ، و التجأو ب مع ايقاع العصرنة ، لا يجب ان تنسينا معطانا فنذوب بغيرنا بتشوية قيمنا ، و ارباك ثقافتنا بالخلط ، و التهجين الاعتباطى ، و العاميات ، و تحويل انظارنا عن الاساسيات ، فنستلب بالتغريب و الابتعاد عن الاصالة ، و اهمال التراث فتضعف شخصيتنا بعد ان نشعر بالتضاؤل