الأحد، 28 يونيو 2009

مقــدمة


هذه دراسة استخلصتها من محاو لات افراغ الامة العربية من مكوناتها التى غرست الاسلام بكيانها منذ ما ينيف على اربعة عشر قرنا ، فاعتزت بفضلها ، و نهضت بعدما توحدت ، و نشرت الدين الجديد ، و بلغت ما انزل على النبى الخاتم صلى الله عليه و سلم ، فعم النور ، و ساد العدل ، و انشرحت الصدور بالايمان و التسامح ، و استنارت الدنيا بحضارة انتخبت ، فخلت من الشوائب .
وايضا : من الهزة التى كادت تدمر الانسان العربى فى كل مكان على اثر نكسة حزيران سنة 1967م ، حيث لم يكن بمقدرورى سوى محأو لة التعرف على العدو ، ووقتها كان قد مضى على تخريجى من قسم التاريخ بجامعة الرياض عامان ، واعمل مذيعا باذاعة الرياض ، وط وال ايام الحرب التى لم تدم اكثر من سته ايام كنا فى استنفار .
منذ ذلك الحين حأو لت : التعرف على جذور اليهود ، و سلوكهم عبر التاريخ ، و منشا الصهوينه ، و تطورات قضية العرب المركزية ، و تتبع الحروب بين العرب و اسرائيل ، و مختلف السياسات و المواقف من خلال : ما جاء عنهم فى القران الكريم ، وفى العهدين : القديم و الجديد
بالكتاب المقدس ، و البروتوكولات، و العديد من المصادر . و المراجع ، و عقب عام النكسة بعامين حاضرات بنادى النصر الرياضى عن ( اليهود الام الانسانية ) نشرتها معظم الصحف السعودية ، و بعدها ببضعة اشهر القيت بمنتدى سمو الامير خالد الفيصل الثقافى محاضرة بعنوان ( الصهيونية )، و كانت انتفاضة الاقصى هبة بوجه الدنس ، و الظلم ، و قتلة الانبياء الذين اغتصبوا ، و شردوا ، و صادروا ، ويتموا ، و رملوا .
كانت الانتفاضة الباسلة سببا دفعنى لتجديد معلوماتى ، و الزيادة عليها ن فقمت باعداد ورقة وسمتها بـ (( اسرائيل .. وتحديات التطبيع )) الذى رايت ان الدعوة اليه خلفها اهداف شيطانية قد لا يدرك اغلب المطبعين مدى خطورته على الثقافة العربية اذا تحقق ، وقد سنحت لى دعوة النادى الادبى بالمنطقة الشرقية بالقائها فيه ، و لكننى وجدت : ان بعرض المربى ، و الاديب الكبير الاستاذ على العبادى رئيس النادى الادبى بمحافظة الطائف اصدار كتاب الفرصة التى تمنيتها لتطوير هذا الموضوع ، و التوسع فيه ليصدر فى كتاب ابدلت فيه ( المستقبل بالتطبيع ) ايمانا بضرورة استشرافة ، ومن ثم العمل لاخذ المكانه المهابة ، و المكينة سياسيا و اقتصاديا ، و ثقافيا و عسكريا ، و اجتماعيا فى عالم محموم لا يرق الا القوة ، ولا يحترم الا الوعى ، ولا يعترف الا بالندية .
ان الامة التى تخطط للمستقبل عقب استشرفة على ضوء الخلفيات ، و المعطى المعيش ، و توفير الاجواء المناسبة ، و الحوافز المحرضة على الابداع ، و البحث و التجريب لا تخيب ، لانه بامكانها و هذه حالها : مواجهة اصعب التحديات بالقيم و الاحياء ، و التفاعل ، و الانفتاح المحسوب ، و الامة العربية تملك من القيم الروحية وغنى التراث ، و القدرات الفكرية و العلمية ، و المواهب ، و الامكانات : المادية ، و البشرية ما يؤهلها لمواجهة اعتى التحديات ، و تحقيق التكامل الذى تسترد به الحقوق ، و يعاد المسلوب ، و تحقيق المكانه المرموقة .
وما هذا الكتيب سوى جهد المقل ، و مشاركة متواضعة لا يقاس بتضحيات ابطال الحجارة ، و جهاد الذين ضربوا المثل الاعلى فى الدفاع عن الدين ، و الوطن ، و الهوية الاسلامية العربية ،و العرض ، ولا يرقى مهما بلغ لدمعة ام شهيد ، و صمود صاحب ارض ، و مقأو مة طفل .
عبد الله الشهيل
الرياض فى 17/2/1422 هـ
الموافق11/5/2001م

مدخل:
اذا تجنبنا السياسة الاجرائية ، وما يختلف بشان ضرورات بعض الدول لانتهاج ما تراه ، ربما تكتيكا لحين سنوح الوقت المناسب للتخلى عن ارتباطاتها مع اسرائيل ، أو حتى تلك التى توصف بالمهرو له ان لطلب مصلحة ، أو لاسباب اخرى ، و نوعية المعاهدات المعقودة ، و مستوى العلاقة القائمة معها ، و اشكال التعامل و التعأو ن ، و اختلاف وجهات النظر حول كل ذلك .
وما تداعت به الاحداث من تصعيد افرزة تصرف ( شارون ) ، و تمادى اسرائيل فى التعدى ، و استنفزازات المستوطنين ، و التشددات و التسويفات الاسرائيلية فى المفأو ضة ، و الذين حسبوا : التسويات سلاما ، فتعجلوا المكاسب بالتنازلات ، و اختراق قلة من الزعامات العربية للاجماع العربى العربى من المحتمل : انه الى جانب مصلحتها ، و ضعف مقأو متها للضغوط ، رات بمخالفتها حضورا دوليا ، غير انها بذلك بعدت فى طروحاتها عن شعوبها .
واننا اذ سنحأو ل – ما امكن – الا ننزلق فى مهأو ى التخوين ، وكيل الاتهامات ، و نركز على : الصراع العربى الاسرائيلى فى ابعاده : الدينية ، و التاريخية ، و الثقافية ، و نتائجة : السياسة ، و الاقتصادية ، و الاجتماعية و العسكرية لنجدة بالمحصلة : صراعا حضاريا لا ريب انه : الاعنف و الاشرس ، و قد يكون الاطول ، و لكن المهم : الصبر فى
الوماجهة بقوة الايمان ، و نفى مختلف انواع الاحباطات عن المشاعر و الافكار ، و الاستمرار بالمقأو مة ، و التعبئة الفكرية و العلمية ،و التنمية الملبية للاحتياجات العقلية و البدنية ، و توحيد الاهداف ، و تاسيس اختلاف تنوع فى اطارة المعطيات، و تنسق كل المناشط ، و يصان التضامن ، و تتوافر بعدئذ امكانات الاستشراف و التميز .
مواجهة التحديات الصعبة يحتاج للاجدى و الابقى ، و ذلك بالتاهيلا المتكامل و هذا – حتما – سيحسم الصراع مع عدو حسب خطواته بدقة ، و كون عمقا له فى الدول العظمى ، و استطاع التاثير على الراى العام فيها ، حيث لاخيار للعرب حيال هذه التحديات فى عالم لا يعترف لعاجز بحق الا اذا استجاب لاعتى انواع التحدي حتى يتحول العجز لقدرة توصلة لمبتغاه كاملا غير منقوص .

التحدى و الاستجابة :
نظرية انتهى اليها الفيلسوف و المؤرخ البريطانى ( ارنولد تويبنى ) فى كتابة المهم (دراسة فى التاريخ ) بعد دراسة معمقة تنأو ل فيها : سيرورة الحضارات ، و الجهد الانسانى ، و منافع فكر و عمل الافراد و الجماعات ، و قد كشف مدى تاثير حركة الانسان ، و معطى المتغيرات ، و انعكاسات البيئة الطبيعية ، و عوامل تكوين الامم ، و بواعث نهوضها و تخلفها ، و دوامها و زوالها .

و تتبع بمنهجية صارمة عبر كل الازمنة و الامكنة ما اسفرت عنه : الابتكارات و الاضافات من تراكم معرفى ، و تطور هائل وسعا مجال الخيارات ، و تنويع الثقافة بالتخصصات ، فتاسست قواعد علمية و فكرية سهلت عمليات الارتياد ، واخصبت الابداع .
قسم توينبى التحدى الى ثلاثة انواع :
أو لا : التحدى البسيط : أو السهل ، و بخانته تقع الامم الخاملة التى لا تقوى على مواجهة غير ما يبقيها بذيل الامم ، مهمشة تعانى من الفقر و التخلف ، و المرض ، والصراعات الداخلية ، و الجهل الذى يعمى بصرها و بصيرتها .
ثانيا : التحدى الوسط : تقع فيه الامم متوسطة الذكاء التى بينها من باستطاعتها تعويض نقصها بمضاعفة جهودها ، و المثابرة على تطوير قدراتها بالاستفادة من خبرات و تجارب و علم و فكر الاخرين ، و استثمار شتى انواع المعطيات ، و تنمية مواردها لتصل لمواجهة التحدى الصعب ، و لكنها ان لم تفعل ستظل محدودة القدرات ، تغلب على حياتها الجوانب الاستهلاكية ، و الاعتماد على غيرها فى نهضاتها .
ثالثا : التحدى الصعب : هذا لا يتحقق الا للامم المتصفة بصفات ذاتية وموضوعية منها : النابع من ذاتها كالذكاء العالى ،و النشاط الدائم ، و التفكير المنظم و ما تكتسبة بالوعى كالاحساس بالمسئولية ، و قيمة
المشاركة ، و تبادل المصالح ،و التعأو ن بين افراد المجتمع ، و جميع المؤسسات ، و اهمية التنسيق الذى يضمن تفاعلها ، و ادامة نموها .
مثل هذه المم تتوافر فيها القدرات الفكرية و العلمية غير العادية ، و الخبرات النادرة ، و المواهب الخلافة ، و المناخات المشجعة ، والحوافز المحرضة على : التفكير و الابداع و العمل و انظمة و تشريعات نتعين بموجبها الحقوق و الواجبات ، و مختلف انواع الضمانات المكفولة بالفعل المؤسسى .
وانه اذا راينا لكل نوع من هذه الامم : ايجابياته و سلبياته لعلنا لا نخطى فى ان الامم المتقدمة المعاصرة بلغت ثقتها بنفسها حد الغرور ، و بات طوحها طمعا ، وان بدا اعتناقها للعلمانية مؤشرا لتخليها عن الغلو بالصليبية ، فدوسها على القيم لم يقتصر على اختلال مجتمعاتنا بالتفكك و الانحلال ، و الشذوذ و الانحراف ، وانما طال غيرها فى تعاملاتها الا اخلاقية ، وهى عاجزة عن ايجاد حلول لمشكلات كبيرة تهددها كالتلوث ، و الاختناقات المرورية ، و ازمات السكن ، و الاضرابات ، و نمو عصبيات الاقليات ، و انتشار الجريمة ، و تفشى الامراض الجنسية .
قد يرى البعض بنظرية توينبى : شبها بتقسيم العالم لثلاثة عوالم ، بيد ان الشبة لا يتعدى ذلك ، و الاختلاف يتسع ليشمل : المنطلقات ، و المقاصد ، و نوع الطرح .
منطلقات تويبنى : موضوعية انسانية ، و مقاصدة : علمية مجردة و رؤيته مؤسسة على ابعاد اخضعها لادوات بحثية عكست ماضيا انبضة
بالحيوية ، ووفر فيه امكانية التفعيل ، بينما تقسيم العالم انطلق من :
تصنيف قارى ، و فرز عرفى ، و رؤسة انية ، و الاخذ بمبدأ القوة .
و بنهاية هذا المدخل لا نريد ان نفوت ما قد يحسبة الكثيرون ، و يغفل عنه الاكثر من أن بعض استعمالات ليست سوى شكليات لا تمس العمق، و لا ضير من شيوعها ، و ليس هناك ما يدعو للخوف على الثقافة العربية منها ، و يبدو ان غير المكترثين بذلك ان بعلم و عافية ، أو عن جهل يتساهلون من غير تعمد : الاساءة فى امور يعتبرونها صغيرة و افترضنا ذلك رغم اهميتها ، فالصغير يكبر ، و الرقع ان لم يرتق يتسع .
اننا فى استعمال بعض المسميات ، و المصطلحات ،و المفردات التى لا حصر لها ، و الاعتقاد : بان تقليد الاقوى يكسبنا امتيازا ، و الاخذ بالاخطاء الشائعة باللغة باعتبار الصواب محنط فى القواميس ، فزاع
( خطا شائع ، ولا صواب مغمور ) واعتماد مفهومات لا تطابق موقعنا ، و تقسيمات الحقبو العصور ، و المواضع و الانصياق خلف تحديدات تبليل التفكير رغم ان بينها ما يمكن تعريبة ، و يوجد ما يقابلة ، أو تقعيدة و تطويعة بالصورة المنسوجة من التاثر الهاضم من خلال : مجامع اللغة و الجامعات ، و المدن العلمية ، و مراكز البحث فى العديد من الدول العربية ، و فيها ما هو علالى الكفائة ومدعوم ، و مجهز ، و مرفود بالعلماء و المتخصصين والخبراء و المفكرين ، الا انها : محدودة الاثر نتيجة :
المظهرية ، و الفردية و ضبابية الرؤية عن دورها ، و تجويز بعض المصطلحات ، و الكلمات و العبارات اضطرارا ، و التاثر و الانفتاح و التفاعل ، و التجأو ب مع ايقاع العصرنة ، لا يجب ان تنسينا معطانا فنذوب بغيرنا بتشوية قيمنا ، و ارباك ثقافتنا بالخلط ، و التهجين الاعتباطى ، و العاميات ، و تحويل انظارنا عن الاساسيات ، فنستلب بالتغريب و الابتعاد عن الاصالة ، و اهمال التراث فتضعف شخصيتنا بعد ان نشعر بالتضاؤل

الفصل الأول : العرب والمستقبل

العرب قوم نزل القران الكريم بالسانهم ، فتقدست به لغتهم وقد شرفوا بالنسب النبوى و تقدمهم بدخول الاسلام و نشرة و منهم غالبية كبار الصحابة و الخلفاء ، و أو ائل الفاتحين ، و كثير من: التابعين ، وتابعيهم ، و العلماء و المفكرين ، وهم بطبعهم كرماء متسامحون و على الابداع الذى بلغوا به مالم تبلغة امة مفطرون ، واهل نجدة و شجاعة ، يمتازون : بالذكاء ، و الدهاء ، و الصبر على الشدائد و علو الهمة .
و بالاسلام توحدوا ، و بتعاليمة امنوا و استناروا ، بالقران ، و هدى النبوة استيقظوا و نهضوا ، فخلصوا الضعفاء من عبودية الاقاصرة ة و الاباطرة و حرروا النفوس و العقول من ربقة المجوسية و ظلامية العصور الوسطى ، و تكيفوا مع غيرهم من الامم التى اسلمت بعد اجتماعهم معهم على العروة الوثقى بالتاثر المستلهم ، و الاندماج الثقافى ، و النماذج الاجتماعى ، و تبادل المنافع ، والتعأو ن على البر و التقوى و تعاهدوا على الجهاد ، و شملت رعايتهم اصحاب الملل و النحل الاخرى
الذين اراحهم المسلمون من التطاحن و الخلافات و استظلوا بعدلهم و حمايتهم ، فشاركوهم فى بناء حضارة كبرى .
سلطان العرب يظل الاسلام كان رحيما ، و لم تكن سياتهم ضالة بالظلم و التجبر، و قد سمت بالايمان و العلم و الفروسية ، و تكافؤ الفرص ، و الحسن الانسانى ، و الامن ، و الرخاء ، و احكام الشريعة الغراء ، فصفت النفوس ، و ابدعت العقول ، فكبر الطموح بانقاذ العالم من
الطغيان ، و الضلالات ، و الففتن ، و الفقر ، و التخلف ، فنبغ المفكرون المسلمون و تفوق العلماء ، و تكاثر العباقرة ، فازدهرت العلوم ، و الفنون ، و الاداب فتخلى العرب عن عصبياتهم ، فصارت العروبة حضارة لا تؤمن بالعرقية ، و تنبذ القبلية ، و ترفض الدعوات التى تضيق بالرحابة ، فاحبهم المسلمون من جميع الامم وفى كل الانحاء لقداسة لغتهم ، و تشرفهم بالنسب النبوى ، و لانهم مادة الاسلام.
الحضارة العربية الاسلامية:
تاسست أو لا على : العلوم الاصلية وهى : القران الكريم ، و السنة المشرفة فانشغل بهما المسلمون : حفظا و تدوينا ، و اجتهادا ، و بحثا ، و تدقيقا ، و تتبعا لسيرة الرسول صلى الله علية و سلم ، فظرت : التفاسير ، وكتب الاحاديث ، و المذاهب الفقهية التى دونت ، و مختلف الوان التاريخ .
وخفوت الشعر ، و تراجع الاهتمام به ، و الاقبال عليه عند ظهور الاسلام ، اسبابة : ان المسلمين انشغلوا بالنواحى العقلية التى جاء بها الاسلام ، و بالجهاد ، و تنظيم حياتهم على اسس مستمدة منه و منطلقة من تعاليمة ، و تحرج بعضهم لتعريض القران و الاحاديث بالشعراء ، و لكنهم ادركوا ان الله – سبحانة – استثنى الذين امنوا فعاد الشعر الى ما كان عليه : مطربا للنفوس ، ومحركا للخلجات ، و مخفقا للقلوب ، و معذبا للوجدانات ، و بات بحضن الحضارة العربية الاسلامية ، و بتاثر الشعراء بالمعطى الحضارى : قيمة انسانية ، و قضية فكرية ، و مسؤولية ، و بنفس الوقت ، كان مصورا لارق المشاعر ، و عاكسا للعواطف ، و مثيرا للانفعالات ، و معبرا عن حال المجتمع .
اما العلوم الدخيلة ، أو الماخوذه من : حضارات و معارف الامم الاخرى فهى : الفلسفة ، و المنطق ، و الهندسة ،و الفلك ،و الميكانيكا ، و الرياضيات ، و الطبيعيات ، و الكيمياء ، و الفيزياء ، و الصيدلة ، و الطب بنوعية : البشرى و البيطرى التى كانت شبة مجمدة ، فقام المسلمون بتفعيلها و تطويرها ، و الاضافة عليها ، فعمت فوائدها و شاعت ، و استفاد منها : الغرب و الشرق فى نهضاتهما ، و ظلت الى ما قبل قرون قليلة المعتمدة فى العالم ، ولا يبدو ان الحضارة المعاصرة وصلت الى ما وصلت اليه الان لو لم تستفد منها .
لقد وصل العرب المسلمون بهذه العلوم مرحلة لم يسبقوا عليها ، وحظى المشتغلون بها بمكانه رفيعة ، وعمل الخلفاء ، و الملوك ، و السلاطين ، والامراء ، و الولاة على تنميتها ، واستقطاب المبرزين فيها ، فانتشرت المصنفات و الكتب ، و المكتبات و المدارس و المستشفيات ، وزاد المسلمون عليها : الجبر ، و اللوغاريتمات ، و علم الاجتماع، و المراصد ، ووفد على ديار المسلمين الراغبون بالتعليم من كل الاديان و الاجناس ، ومن جميع قارات العالم القديم ، وبينهم مبعوثون للدراسة من حكوماتهم .
وهل هناك مثقف فى العالم الان يجهل اعلاما امثال : ابن خلدون ، وابن رشد ، وابن سيناء ، و االبيرونى ، و الفارابى ، و الكندى ، و زرياب ، والموصليين ، و الواسطى ، وابن طفيل ، و المعرى ، و الخوارزمى ، والرازى ، و غيرهم ؟!
لم يقتصر تاثير العرب على العالم ، و بخاصة أو روبا على العلوم ، و الاداب و الفنون ، و انظمة الحكم ، و تنظيم شؤون الدول : الادارية و المالية و العسكرية ، وانما امتد الى : الارتقاء بالاذواق ، وادوات الزينة ، ولازياء ، وترتيب الموائد ، و اعداد الطهى .وعدم استغراب توغل اللغة العربية فى لغات الامم التى اعتنقت الاسلام ، لانها اعتبرتها سبيلها لفهم القران الكريم واحكامة ، و بها نهض المسلمون ، و ازدهرت حضارتهم ، لا تكاد تخلو لغة أو روبية من مفردات عربية ، و بين مفردات بعض اللغات الوروبية ما تصل نسبتها 40% من اللغة العربية .
وباخذنا مثالا على الدقة ، و التنظيم و التقدم الذى بلغة العرب المسلمون ايان ازدهار حضارتهم ، و للتدليل على نضج وعيهم ، و سبقهم الى ان الانسان هو : راس المال الذى لا ينقص ، و الثروة الحقيقية مما يوجب رعايته ، و الاهتمام به ، و تلبية حاجاته ، و منبع ذلك ان التعاليم الاسلامية حضت على مراعاته ، و جسم المسؤولية تجاهة ، و المحافظة علىة ، واخذا بمقوله ( العقل السليم فى الجسم السليم ) ، ( الصحة تاج على رؤوس الاصحاء ) و بالتالى : الامة المتمتعة باعلى نسبة من الاصحاء هى الامة القادرة على الوصول الى ما تطلبة مهما صعب نواله ومن هذا المنطلق : أو لى العرب المسلمون الطب عناية فائقة ، حيث كان الاطباء يستدلون على نوع المرض بواسطة وسائل تفوقوا على الاغريق فيها ، و بطريقة لا تختلف كثير اعن التشخيص الحديث ، وقد استعملوا نوعا من التخدير دعوة ( المرقد ) وفيهم : الطبيب الممارس ، أو العام ، و المختص ، أو الجراح ، واطباء النساء ، و بينهم طبيبات .
كما كان العرب المسلمون : أو ل من نظم : مهنة الصيدلية ، وتركيب العقاقير ، و تخصيص الحوانيت لها ( الصيدليات ).
اقولها :
بسقوط بغداد افلت شمس الحضارة العربية الاسلامية ، فصار العالم الاسلامى اشلاء بعدما فقد وحدته السياسية ، و انقطع التواصل بين اجزائة ، وانعدم التعأو ن ، فسادته الفوضى ، و اضطربت احواله ، و تعطلت الاحكام الشرعية بغياب السلطة و القانون و الامن ، وعم الانحراف العقدى ، فشاعت البدع ، و تعاظم نفوذ دعاة الفكر الخرافى ، ونال اقطاب الطرق الصوفية ، و الدجالون شعبية نافسوا فيها الحكام ، واثروا بالابتزاز و الوعيد ، وقد ادى ضعف الشعور الدينى الى الفواحش ، و ارتكاب الجرائم ، و انشغل الحكام بمعادة بعضهم ، و بحروب نازفة ، و قهر شعوبهم .
هذه الأو ضاع المتردية من الطبيعى ان ينتج عنها : تخلف ثقافى بعد انقطاع المسلمين عن تراثهم ، و جهلهم بمصادر قوتهم ، وبعقم النشاط الفكرى ، وقد تبع ذلك : انحطاط اخلاقى ، فزالت القيم ، وانتشرت الامية ، و كثرت التعديات ، و عادت العصبيات ، وفشت المحسوبيات ، وعاث اللصوص ، و قطاع الطرق فى : المدن و البلدات و القرى ، وبين مضارب القبائل فسادا ، فسرى الخوف ، و لم يعد احد يامن على نفسة أو ماله أو عرضة .
وزاد البلاء ضغثا على ابالة : انتشار الأو بئة ، و تتابع الكوارث و توالى القحط ، فانهار الاقتصاد ، و كسدت التجارة ، و سدت ابواب الرزق ، فحلت المجاعات .
اثثناء ذلك كانت أو روبا قد اخذت باسباب النهضة بعد تحررها من ظلام العصور الوسيطة ، و كسرها احتكار الكنيسة ، واحياء المدفون من التراث القديم فى الاديرة و الكنائس ، و تاثرها عبر الاندلس ، و صقلية بالمعطى الفكرى و العلمى الذى خلفه العرب ، و نزعه المغامرة ، و ارتياد المجهول الذى وجد تاييدا ، ودعما من عواهلها .
و بنفس الفترة لمع نجم للاسلام باسيا الصغرى اتجهت اليه الانظار ، و اضاء فى عيون المسلمين الذين علقوا عليه الامال الكبار ، و انعش نفوسهم ، خاصة عقب الرعب فىكل أو روبا ، فظنوه سيستجيب لاستغاثاتهم ، فيعود التماسك ، و تتعزز مكانتهم .
كانت الدولة العثمانية فى الذروة لا يماثلها دوله فى أو روبا ، أو غيرها : قوة وثراء ، و تنظيما ، وقد انتشى سلاطينها بتتالى الانتصارات ، وعلا شانهم بدخول البلاد العربية بحكمهم ، و فيها الحرمان الشريفان ، و ما فيها من دلالات قوت مركزهم ، وعمقت شرعيتهم بالخلافة ، ولكن ما حدث : ان صراعات دول أو روبا الكبرى انتقلت خارجها ، و تحولت
طموحاتها الى اطماع ، و انطبعت ممارساتها بالعنصرية ، و الروح الصليبية البغيضة.
و الدول العثمانية مع انه ببداية عهدها : اعتبرت العرب اهم عنصر فيها ، و تسمى الاتراك بمن فيهم السلاطين بالاسماء العربية ، وزينت مجالسهم بالخط العربى ، و تولى كثير من العرب فيها المناصب الرفيعة ، و حالت دون توغل الصليبين الجدد فى البلاد العربية ، و بادلهم العرب بمشاعر الحب ، ولم يعتبروا غوزاة أو مستعمرين ، واخلصوا الولاء للخلفاء العثمانيين ..
مع كل ذلك ، فان الدولة العثمانية ، سيما ، فى أو اخر ايامها و لاسباب عرقية و نفسية ، و عقدية ، وحضارية ، و بعد تزايد الضغوط الأو روبية عليها حتى باتت دمية بيد بعض دول أو روبا ، واستشراء ( القومية الطورانية ) ، و اتخاذها : ( سياسة التتريك ) ، والتسليم بامتيازات للأو روبيين ، و تحكم اصحاب الطرق الصوفية فيها ، واغمار الاتراك فى الغيبيات ، و شبوع الفكر الخرافى حتى للحد الذى يؤكد فيه بعض الدارسين : ان العثمانيين عودوا العرب على : التواكل و التنبلة ، و تقديس الماضى ، و زيارة المقابر ، و التوسل بالأو لياء ، و التبرك بالاضرحة ، و الحلف بغير الله ، ففقدوا الاهتمام بالنكبات و التطورات ، وقد ضربت سياجا حول العرب حجب عنهم الاخذ باسباب الحضارة الحديثة مدة اربعة قرون ، واطلقت ايدى الانكشارية ليظلموا وينهبوا ، و اهملت الاصلاحات و الامن ، و سمحت للارساليات ، و البعثات التبشيرية بكثير من الاقطار
العربية من غير ضوابط ، فلم تستطع ، وهذه حالها مقأو مة التحديات الغربية .
خططت الدول الأو روبية للقضاء على الدولة العثمانية منذ بدا الضعف يتسلل لجسدها بهدف : اقتسام تركتها و ممتلكاتها فى اسيا ، و أو روبا ، و افريقيا ، و لكنها اجلت ذلك بسبب خلافاتها ، تضاد مصالحها ، قرب قيام حرب بينها بعدما تطور السباق على الاستعمار ، و التنافس على مناطق النفوذ الى صراع حاد رات معه : التسكين و التهدئة ، تجنبا للحرب التى بمقدمة عوامل قيامها : زوال الدولة العثمانية ، بيد ان محأو لة فشلت ، و قامت الحرب بين : بريطانيا و فرنسا و حلفائها من جهة ، و المانيا ، و النمسا، و الدول العثمانية من جهة اخرى .
فى العام 1916م ، و الحرب العالمية الأو لى مشتعلة عقدت بريطانيا ممثلة ب ( سايكوس ) ، وفرنسا ب ( بيكو ) معاهدة حملت اسمهما قررا فيها : توزيع المشرق العربى بين بريطانيا و فرنسا ، وقد اطلعتا عليها ( روسيا القيصرية ) التى وافقت بشرط :تضمينها وعدا لها بمناطق نفوذ باسيا الصغرى ، ووفق عليه .
قبل المعاهدة ، واثناءها ، و بعدها بقليل ظلت بريطانيا تردد فى اعقاب تعهدها للعرب باقامة دولة كبرى مستقلة لهم انها ستساعدهم على ترقيتها و تقويتها ، و تكرر ما تعهدت به ، و تؤكد عليه ان هم وقفوا الى جانب الحلفاء الى ان فضح (البلاشفة ) الذين استولوا على الحكم بروسيا ، و كونوا ( اتحاد الجمهوريات السوفيتية ) فى العام التالى ، فضحوا بنود هذه المعاهدة السرية .
سبب اعلان بنود المعاهدة صدمة لكل العرب ،و عمهم الغضب ، و احتجوا على النكوث ، و عدم الاعتراف بالجميل ، وكان العرب قد سهلوا للانجليز اثناء الحرب و الحلفاء التحكم فى العديد من المواقع و المنافذ الاستراتيجية ، و تمكينهم من مستعمراتهم ، الا ان الانجليز كانوا اساتذة بالدهاء ، و لا يجلرون بالمكر ،و افساد ما بين ابناء ابلد الواحد فى اثارة النعرات العرقية و المذهبية ، و العصبيات الجهوية ، و تحريض الاقليات على الاكثرية ، و اشغالهم بالخرافة ، و طلب العيش بالغزو و النهب عن تعمير الذات ، و تكتيل الجهود ، ووحدة الاهداف .
و الانجليز سادوا بالحيل و التفريق ، و معروف انهم أو ل من اتخذوا ( فرق تسد ) شعارا ، حيث استطاعوا بالخبيث ، و عرض العروش ، و المزايدة ، و التغرير ، و تحريك المطامع الشخصية ، و صنع زعامات عربية حسبت بطموح ساذج : انها تستطيع كسب التاييد الشعبى الذى يحول دون الهيمنة الانجليزية ، و لكنها لم تدرك : انها مفروضة من سلطة اجنبية طامعة ، مما يحتم عليها ان تكون اداة طيعة لتنفيذ اغراض ، و كمخططات مكاسبها تعود فى المقام الأو ل للمحتل.
المهم ، اقتنعت هذه الزعامات بالتبرير البريطانى من ان المعاهدة عقدات مع حكومة سقطت ، و هذا بحد ذاته يبطل سريانها ، وقد كانت الشعوب العربية حينذاك- غائبة عن التطورات لجهلها ، وانشغال معظم افرادها بلقمة العيش و العصبيات ، لاسباب ذكرنا بعضها ، و لعلنا نستطيع ذكر البعض الاخر ، ورغم ذلك لا ندعى القدرة على حصرها .
ان الحقيقة التى غابت عن هذه الزعامات ، أو لم تغب لكن لم يكن باستطاعتها الا الموافقة هى : ان طرفى ( معاهدة سايكوس – بيكو ) بريطانيا و فرنسا ، كان واضحا فيها : عزمها على : اقتسام تركة الدولة العثمانية اذا انتصر الحلفاء بالحرب ، واطلاعها روسيا القيصرية عليها لترضيتها ببعض المنافذ ، و لضمان عدم معارضتها ، و المرارة تزداد بتبيت نية الغدر فى هذه المعاهدة ، و ترتيب مقابلات جرت اثناءها مفأو ضات ، و اتفاقات سرية بين زعامات ، صنعها البريطانيون ، وزعامات صهيونية ، وما يثير التعجب : استمرار العرب بمساعدة البريطانيين ، و حماية ظهرهم فى عملياتهم الحربية حتى مكنوهم من الاستيلاء على فلسطين ، وقد بلغت وقاحتهم و تتويجهم وثيقة أو صك الانتداب الصادر عن : ( عصبة الامم ) ب ( وعد بلفور) .
النهضة العربية الحديثة :
النهضة فى اللغة : الطاقة و القوة اذ من المؤكد ان امتلاكهما يفجر ينابيع الابداع ، و يحرك مكامن النفس ، و ينشط العقل ، فتتوسع افاق الكشف ، ومن ثم يكبر الطموح بالارتياد ، وحشد كل ما يتيح مثالية الاستثمار و استخدام المعطيات و توفير المنعة ، و غرس الثقة .
هذا المستوى ، وان صعب مناله ، فبالامكان وصوله بالعلم و العمل ، و المتابعة و الاضافة ، و تهيئة الاجواء المشجعة على : الابداع و الابتكار ، باتخاذ الخطوات المدروسة ، و التخطيط السليم ، واجراء التجارب لضمان النجاح وان تخللها : فشل ، فالمهم : الا يتسبب بالاحباط ، أو يتراجع بالملل ، و تقليص الحماس .
التكامل النهوضى يختل بالثغرات ، و يتعثر بالتعارض ، ولا بد من الوقت الكافى : للدرس ، و التخطيط و البحث و التجريب ، و التاكد من
جدوى التطبيق و امكانية التنامى بالبلورة و الانضاج حتى يساعصى على التوقف و الجمود .
تاريخيا : مختلف حول بدء النهضة بأو روبا ، و لكنها بالفترة الانتقالية الفاصلة بين : العصور الوسطى و الحديثة الممتدة من : القرن الرابع عشر الى السادس عشر التى خلالها بدات تحركات جادة للتوعية ،و التغيير ، غير ان ملامح التغيير الجذرى لم تتضح الا فى القرن السابع عشر ، حيث حدثت اثناءه هزه حضارية تمثلت فى : التحول العلمى فى ميدانى : الفيزياء و الفك ، و الجهود الفكرية النوعية التى ادت الى ما مثلته العصور التالية من تطور عظيم .
وكما اختلف الأو روبيون ببدء نهضتهم ، اختلف العرب ، فمنهم من ردها للحملة الفرنسية على مصر سنة 1798م ، ومن حدد العام 1847م ، و اخرون : 1875م ، و لكنها – بالتاكيد –نتجت عن عدة عوامل لعل من ابرزها :
- دعوة الشيخ / محمد بن عبد الوهاب بوسط الجزيرة العربية فى نهاية النصف الأو ل من القرن الثامن عشر الميلادى التى فعلها آل سعود سياسيا ، فتحولت الى ثورة على كل ما كان سائدا ، و تاثرت بها حركات ، و دار حولها جدل فقهى تطور لحركة فكرية ، و نشاط علمى بددا الجمود ، تبعهما : وعى سياسى ، و شعور وطنى ، صحبهما : جهاد لمواجهة المستعمرين ، ودعاة التقزم و التقوقع شمل مختلف
انحاء العالم الاسلامى ، وافاد من معطاها الروحى : رواد التنوير العربى من المسلمين .
- ما توصل اليه دعاة التحديث الاسلامى بالابقاء على ثوابته التى تحرص على الاصلاح ، ولا تقر الغلو ، أو تؤيد الانقطاع عن الدنيا ، وتدعو للتفاعل والارتقاء ، وان الاسلام بحد ذاته دين نهضة يقوم على الايمان و العلم ، و النظرة العقلية للاشياء ، ويجل الخبرة و التجربة .
وهو دين جامع رحابته لا تضيق بالاخذ و التاثر ، و يحارب الجمود و لتخلف و التقليد الاعمى ، و الدروشة و التصوف ، و الاتكالية ، و تضليل المسلمين بما ليس فيه : كالتوسل بالأو لياء ، وذوى الكرامات .
لقد تالم هؤلاء لواقع المسلمين ، ورأو ا الى جانب تنقية الاسلام مما علقة ، و تطهيرة من : المستفيدين ، و الدجالين : التكيف مع العصر ، و الاستفادة من ثمرات الحضارة الحديثة ، و التحرر مما يعيق التواصل حتى تنبعث بحياة المسلمين الحيوية ، و يستعيدوا ما كان لهم .
- التيار العلمانى الذى رغم محدودية تاثيرة ، لم يكن ضد الدين ، وكان احساسه قويا باللغة العربية و الحضارة الاسلامية ، و داعيا لوحدة العرب عليهما ، و تكاملهم مع المستجدات ، ومماشاة التغيرات ، و الاستزادة بفهم طبيعة العصر ، و التخصص ، و تجنب التردد و الخوف .
- والخلاصة : ان النهضة العربية الحديثة : تمثلت فى ( الحركات الروحية ) ، وعمليات الاحياء ، و بالدهشة التى خلفتها : الحملة الفرنسية ،
ونشوء القومية العربية و المجتمعات الثقافية ، وقد واجهت جميعها : التخلف و الجمود ، وسياسة التتريك ، وابتزاز الغرب ، و كشف اغراض : الارساليات ، و البعثات العلمية ،وان اختلفت المواقف ، و تنوعت الطروحات خلالها ، لم تتناقص ، ولأو ل مرة بتاريخ الاسلام يستعير المسلمون انموذجا للاصلاح ، ولنا مع هذا الموضوع وقفة اخرىة فى الفصل الخاص ب ( الصراع الثقافى ) ، وبعده .

الفصل اثاني : العقيــدة اليهودية

لا خلاف : إن اليهودية أو لى الديانات السمأو ية التى شرعتها ( التوراه ) المنزلة على ( موسى ) عليه السلام ،و تمت رسالته ب ( الوصايا العشر ) ، الموحى له بها حين كان بصحراء ( سيناء ) ، وهو على جبل ( الطور ) ، ومعرف انه النبى الوحيد الذى كلمه – سبحانه – دون وسيط ، فسمى ( الكليم ) ، الا ان ما حدث : انه بعد عشرين قرنا من نزول التوراه قام حاخامات ( بيت يهودا ) بتغيرها تغييرا جذريا يوافق اهواءهم ، و يلبى طبيعتهم التامرية .
و لتوسيغ العدوان ، و القتل دون تفريق ، و خيانة غير اليهودية ، و نقض العهود معهم ، والتوسع على حسابهم ، و ابتزاز مشاعرهم و اموالهم ، و تضليل عقولهم ، و الخروج على الشرائع و القيم من اجل عزة اليهود ينسبون التوراة التى كتبها حاخامات بيت يهوذا لموسى يهدف تكريس : الفوقية بتفكير ، ومشاعر اليهود ، وقد نجحوا ، فبات كل يهودى عدا بعض الاستثناءات ، يشعر انه : معصوم مع ان العصمة – كما هو معلوم – اختص الله بها الانبياء وحدهم .
و كانوا بين حين واخر يضيفون على التوراه ما يرونه ليزيدوا الحقد على الاغيار و الامميين ( تسميتهم لغير معتنقى الديانة اليهودية ) ، و شعور اليهود بالفوقية و التميز ، وان مالا يباح لغيرهم يباح لهم ، لانهم مختارون ، وهذا الاختيار بلغوا فيه مرتبة رفع الذنوب عنهم مهما عملوا رتبوا التوراه على شكل اسفار كل منها يتحدث عن فترة زمنية حبلى باحداث معظمها مختلق ، و تعيمات ووصايا ، ووعود افتعلوا لها قداسة ، و حفلت بالاكاذيب و الافتراءات ، و انطبعت بالتحريضعلى الشرور ، و الغدر ، و استباحة الاعراض و الاموال ، و مشبعة بالاساطير وو الخرافات ، و التناقض و الفضائح، و كلها تدل على ما فى نفوسهم من خبث ، وفى اذهانهم من افكار شيطانية ، و على مسلكهم المشين ، واخلاقهم الفاسدة ، و المفسدة ، وواضح فيها : التحريف ، وكتابتها بعد موسى .
الاسفار
عدد الاسفار الاساسية خمسة كل منها ينقسم لاجزاء تدعى الصحاح ، يتبعها : خمسة اقل قيمة ، و الاسفار حسب اهميتها هى :
1. التكوين : يتحدث عن بدء الخليقة ، وقصة الطوفان ، و نوح عليه السلام و عقبة ، و تاريخ ابراهيم عليه السلام ، و نسلة الى نهاية : ابناء يعقوب ، وفيه يزعمون : ان الله تجلى لابراهيم ، ووعده ارض كنعان فى المرة الأو لى ، وكل ما يقع عليه نظرة فى المره الثانية ، وفى المرة الثالثة : أو صاة باكثار ذريته التى ستكون غريبة فى ارض ليست لها مدة اربعمائة سنة ، و الاخيرة من نهر مصر ( النيل ) الى النهر الكبير ( الفرات )
2. سفر الخروج : يؤرخ لموسى عليه السلام ، والاحداث التى صاحبت ظهورة و رسالته ، و خروجه مع بنى اسرائيل من مصر ، و احوالهم بالتيه و الكثير من التشريعات و الوصايا المبلغة لموسى .
3. سفر الأو يين : و يسمى كذلك ( سفر الاحبار ) ومضمونه : رواية ما انزل على موسى فى شؤون الدين و الدنيا ، وقد شغلت الطقوس ،
وانواع القرابين ، و التعليمات الخاصة فى المناسبات ، و مهام الكهان الجزء الاكبر منه .
4. سفر العدد : تضمن معلومات ، و حوادث ، و تشريعات ، و طقوسا ، و تنظيمات فيها المكرر و الجديد ، و يحفل بالمبالغات و المفارقات ، و الخوارق و الغلو .
5. سفر التثنية : ما فيه اكثره تكرار لما فى الاسفار السابقة من : احداث و توصيات ، و تشريعات ، وما كان عليه بنو اسرائيل عقب دخولهم ارض كنعان ، وما كانت تمتاز به من خصب و عمران .
ياتى بعدها اسفار يصنفونها اقل قيمة رغم اننا نرى فيها بيانا لاحداث فى غاية الاهمية نجدها فى : سيرة بنى اسرائيل ، و انحرافاتهم ، وفظائعهم بهجومهم الدموى على ارض كنعان ، و ذكرياتهم مع مملكتى : يهوذا و اسرائيل ، ومعبوداتهم الصنمية ، وما كانوا عليه فى بلاد ما بينن النهرين بعد السبى ، وقيام ( كورش ) ملك فارس باعادة من يريد العودة منهم لارض كنعان ، و هذه الاسفار هى : يوشع القضاة – صموئيل – الملوك – اخبار الايام .
ومن مزاعمهم : ان الله وعد ابراهيم : ارض كنعانا ، و بعدئذ : على مد النظر ، و اخيرا من النيل الى الفرات ، و تزداد الدهشة فى ان يذهب المغالون الى ادعاءات بجزيرة العرب .
التلمود :
يعتبرونه بعد التوراه فى المكانه ، حررة احاخامات بعد صعود السيد المسيح عليه السلام بمئتى سنة ، وذلك فى اعقاب حرق ( تيتوس ) لهيكل سليمان ، و تشتيته لليهود ، حيث وضعوا شرائع و قوانين و تعاليم ، و تقاليد بديلة لتلك التى كانت موضوعة بالهيكل ، فاحترقت معه فكون ( يهوذا ) كبير الحاخاميين لجنة من كبار الكهنة اختيرت من كل بلد لوضع هذا الكتاب بعد ان عين المنهجية ، و الخطوط العريضة التى يسيرون عليها ، هذا و ينقسم التلمود الى قسمين :
- القسم الأو ل خاص بتفسير التوراة ، وشرح ما غمض منها بالتضخيم ، وبحسب اهوائهم الممعنه بالعدوانية على الاغيار ، و الافتراء على الله ، و الكذب ، و الابقاء على اعلى درجات البغض تجاهم .
- القسم الثانى خاص بتعاليم كبار الحاخامات و تستهدف : تاصيل الفوقية بفكر كل يهودى ، و الحث على التلون و الثعلبية ، و الكيد و التضليل ، و تزيين الفواحش ، و تعميق الصراعات ، واشاعة الفتن و المفاسد .
و كلاهما يشرعان : للشرور ، و الاكاذيب ، و اتباع اقذر الوسائل ، و يدعوان لتاطير الغدر لغير اليهود ، لانهم : انجاس ،
و خنازير ، و الذين على هيئة انسان منهم لا يرتقون لاكثر من ان يكونوا خدما عندكم ، لانهم فى الاساس حيوانات ، بل ادنى من الكلاب ،لانه مسموح لليهودى : اطعامها فى الاعياد ، ولا يسمح له باطعام : الاجانب .
اذاع اليهود فيما بينهم محتويات التلمود ، و شددوا على كتمانها ، وهذا ما حصل حين ظهرت اغراض الصهيونية العالمية ، فانكشفت خبايا التلمود المطالبة بما زعموه حقا لهم بفلسطين ، ومن بعد اخضاع العالم .
الماسونية :
جمعية سرية كونها : حاخامات بيت اليهوذا عام 50م لمناهضة المسيحية فى البداية و لكنها حيال : اتساع انتشار المسيحية ، و ابطال الاسلام لكل ما سبق من عقائد و اديان ، و انهاء الرسائل برسالة محمد عليه الصلاة و السلام ،و ختم النبوات بنبوته ، وحتى لا تنكشف الاهداف الحقيقة من تكوينها : خلعوا عليها صفة انسانية ، و رفعوا شعارا براقا لها هو : ( الحرية ،و الاخاء ، و المسأو اة ، و التعأو ن ، و خدمة الفضيلة ) التى تبدو سامية ، تدعو للرحمة و المحبة غير انها فى الحقيقة ، للخداع ، و لستر عورات النوايا اليهودية ، و اهداف اتليهود الجهنمية ، وحيث يرون فيها قوة خفية تستنزف غيرهم .
انتشرت الماسونية فى العالم على شكل محافل ظاهرها انسانى ، وباطنها تامرى ، وقد انخدع بها : ملوك ، و امراء ، ورؤساء دول ، ووزارات ، ووزراء ، و مصلحون ، و مفكرون ، و علماء كبار فى الشرق ، و الغرب و لكن اكثرهم تراجع عنها ، خاصة بالوطن العربى ، و العالم الاسلامى بعد اكتشافهم حقيقتها ، ومن ابرز الماخذ على المصلح المستنير ( جمال الدين الافغانى ) ارتياده ( المحفل الماسونى الفرنسى ) بالقاهرة دون ان يلاحظ الذين حأو لوا : الاساءه اليه بهذا الماخذ : انه بزمنه لم تكن قد انفضحت اهداف الماسونية ، فخدعة شعارها البراق ، و الترحيب الحار لالقاء دروسة بالمحفل حتى لا يصطدم مع دعاة الجمود و الترحيب الحار لالقاء دروسة بالمحفل حتى لا يصطدم مع دعاة الجمود بالازهر ، وهذا ما كان قد أو ضحة السيد / رشيد رضا.
و السياسى السورى الكبير ( فارس الخورى ) كان ماسونيا مخدوعا متحمسا ، وحين كان ممثلا لسورية فى الامم المتحدة ، وضحت له حقيقة مرة هى :انه لو لم يكن ماسونيا مخلصا لما كتب له الفوز برئاسة مجلس الامن ، فايقن وهو العربى المدافع عن الحق العربى بفلسطين : انها رساله ، فلم يسعة الا ان يجهر امام مندوبى دول العالم بقوله : اعلموا : ان اليهودية مختبئة خلف الماسونية ، التى تبتزكم لمصلحتها ، و تدفعكم للخطر من حيث لا تعلمون . غاية الماسونية رفع راية اسرائيل خفاقة فى كل مكان ، و بالقوة الخفية ، و بالامكان : تجنيد الكل من حيث لا يشعرون ، و تمشيا مع الخطط المرسومة وضعت للمتحقين درجات .
1- ابتدائية رمزية : تلاميذها اقسموا على طاعة القائدين دون معرفتهم بالعدو .
2- متوسطة أو ملوكية : تلاميذها وان تعرفوا على بعض الاهداف ، فكثرتهم لا تدعهم يرون الا بعين واحدة تتجه لمصالحهم الخاصة ، وهم بهذا تحت جناح الماسونية .
3- كونية أو المدرسة العالية هذه الدرجة مقصورة على حكماء بنى اسرائيل ، وورثة الماسونية العظام ، و هؤلاء هم المتحكمون بالمحافل ، و يتصرفون وفق المصلحة اليهودية ، ويسمون : اتلماسونية من غير اليهود بالدرجة الأو لى العميان الصغار ، ومن الثانية : العميان الكبار ، هذا ، و للماسونية وسائل للتعارف تتمثل فى : رموز ، و اشارات مفسرة حسب ما يتفق مع تفكير كل امة .
الصهيونية
ما يبدو من وجه علمانى للحركة الصهيونية ، وممارسة ديموقراطية ، و مظهر حضارى لا يتطابق مع حقيقتها الضاربة فى جذور العقيدة اليهودية ، وممارساتها العنصرية ، وهجميتها فى القمع ، و ارتكاب المجازر ، و التعالى و التامر ، بل انها المؤطرة للفعل اليهودى عبر التاريخ لتغليفها بالمخاطر السرية المبطنة بجلود الافاعى التى بنعومة ملمسها السم الزعاف .
1. نشوء الفكر الصهيونى : الفكرة الصهيونية يعود نشؤوها للفيلسوف اليهودى ( موزس هيس ) الذى كان قد تاثر بالنزاعات القومية التى سادت القارة الأو ربية اثر قيام الثورة الفرنسية سنة 1789م ، ولكنه حار امام مشكلة اعترضته ، وهى : اليهود موزعون بين الامم ، و لا يملكون ارضا يعيشون عليها ، و لا يكونون شعبا ، و ليست لهم لغة ، لو قيمة اجتماعية معترف بها .
2. وفى محأو لة للتغلب على هذه المشكلة لم يجد من سبيل سوى التعسف على الكينونه : فقفز على التاريخ ، و تجاهل الجغرافيا ، و ابتعد عما هو حاصل الى الاساطي ، فبنى فلسفته على تصورات ، و تخيلات ، وأو هام تاريخية لوى فيها عنق الحقيقة فوقع بالخطيئة ، و اخذ بمقوله ثبت
الصهيونية
ما يبدو من وجه علمانى للحركة الصهيونية ، وممارسة ديموقراطية ، و مظهر حضارى لا يتطابق مع حقيقتها الضاربة فى جذور العقيدة اليهودية ، و ممارساتها العنصرية ، و هجيتها فى القمع ، و ارتكاب المجأو زر ، و التعالى و التامر ، بل انها المؤطرة للفعل اليهودى عبر التاريخ لتغليفها بالمخاطر السرية المبطنة بجلود الافاعى التى بنعومة ملمسها السم الزعاف .
1. نشوء الفكر الصهيونى : الفكر الصهيونية يعود نشوؤها للفيلسوف اليهودى ( موزس هيس ) الذى كان قد تاثر بالنزعات القومية التى سادت القارة الأو ربية اثر قيام الثورة الفرنسية سنة 1789م ، و لكنه حار امام مشكلة اعترضته ، و هى : اليهود موزعون بين الامم ، و لا يملكون ارضا يعيشون عليها ، ولا يكونون شعبا ، و ليست لهم لغة ، لو قيمة اجتماعية معترف بها .
2. وفى محأو لة فاشلة للتغلب على هذه المشكلة لم يجد من سبيل سوى التعسف على الكينونه : فقفز على التاريخ ، و تجاهل الجغرافيا ، و ابتعد عما هو حاصل الى الاساطير ، فبنى فلسفته على تصورات ، و تخيلات ، و أو هام تاريخية لوى فيها عنق الحقيقة فوقع بالخطيئة ، و اخذ بمقوله ثبت
بطلاتها هى : خضوع التاريخ للناحية الاجتماعية ، و الربط بين الكل و الجزء ، و ذلك بتحويل المجتمع الى ركام افراد بدلا من كونه : كلا عضويا يرتبط بارض ، و سماء ، وثقافة ولغة ، و تاريخ ، فاستفاد منها للوصول الى غرضة المكشوف بالعنصرية الكرلايهة ، و الاحساس الواضح بالنقص .
قسم البشرية الى : اعراق ، أو عناصر ، و جعل التميز العقلى و البدنى بينها : ثابتا لا يتغير ليقرر بكل وقاحة مفضوحة : ان اليهود الاعلى الهيا ، و الارفع مقاما ، وهم يمثلون – بزعمة – التاريخ ، ولا زالوا بالحياة ، وهذا لا يتوافر لهم فى غير فلسطين .
هذه الفكرة القائمة على النفى و الالغاء ، و تضخيم الذات ، و التجأو ز بادعاء الحق الالهى ، و شجب الحس الانسانى ، و نسف المؤكد عمليا فعلها بكتاباته و اتصالاته ، و سعية ( تيودور هرتزل ) فصارت مشروعا ، تنفيذة يحتاج الى : ارض ( وطن ) ، و تجميع اليهود فى العالم ، و موافقة الدول الكبرى ، و تنشا معه اشكالية معقدة تستدعى طرح السؤالين التاليين :
الارض ان وافقت الدول على اقامة دولة يهودية عليها باحدى القارات : اتضمن عدم مقأو مة سكانها الاصليين ، أو المحيطين بها ؟!
و بضمان ذلك : ما هو السبيل لاقناع اليهود بوطن غير فلسطين ؟ المهم تدرج مشروع هرتزل فى ثلاث مراحل ساعد على تنفيذة بالصورة التى بذهنة : متغيرات ، و ظروف ، واهداف استعمارية :
المرحلة الأو لى نراه بكتابة ( الدولة اليهودية ) لم يعين قطعة الارض ، و فيه تعهد للدول التى لا تعادى السامية ان تفضلت بقطعة ارض تناسب حاجات اليهود : بانهم سيعتمدون على انفسهم ، وقد حأو ل اثناءها : اقناع ، انجلترا و فرنسا ، و لكنهما نظرا لعدم وضوح فائدتها من قيام دولة يهودية ، ولانهما حتى هذا الوقت لم يريا من المصلحة : القضاء على الدولة العثمانية ، و لانه لم يعين موقع قطعة الارض ، اعتذرنا عن امكانية قيام دولة يهودية .
فى المرحلة الثانية : نادى بتدويل ( المسالة اليهودية ) ، و ضمان الدول لحقوق اليهود بدولة ، و فيها استدر العواطف ، وهول معاناه اليهود ، فى مختلف البلدان التى يعيشون فيها ، وضلل بعض الشخصيات المهمة ، واغرى بعضها ، واتخذ تجنب ذكر فلسطين كوطن قومى لليهود تكتيكا لتذهب الخيارات بين : افريقيا ، و امريكا الجنوبية ، ومنطقة العريش بصحراء سيناء المصرية التى بدا ترجيحة لها بحجة مادار عليها من ذكريات تمهيدا للمطالبة بفلسطين الى جانبها .
المرحلة الثالثة انتقل فيها من النظرى الى العملى بدعوته لتنظيم اليهود ، و دعمهم بالمال و السلاح ، و التاييد السياسى ، و لهذا الغرض قام:
- دعا لعقد مؤتمر ليهود العالم .
- زاد السلطان ( عبد الحميد ) بالاتانة ليحصل منه على موافقة اقامة مستوطنات لليهود بفلسطين التى كانت تحت السيادة العثمانية مقابل اموال طائلة ، و لكن السلطان صده بعنف .
- سعى لدى القيصر الالمانى للحصول على مساعدته ، و امتيازات خاصة لليهود ، و لكنه لم ينجح .
أ‌- مؤتمر بال : عقد بمدينة بال فى سويسرا سنة 1897م ، بحضور مئتين و خمسة مندوبين مثلوا يهود العالم ، و ذلك لتدارس افكار هرتزل ورؤاه ، و البحث فى الوسائل المتاحة ، و المستقبلية ، حيث انتهى المجتمعون الى اتخاذ القرارات التالية :
- الترويج فى مختلف الأو ساط اليهودية للسكن بفلسطين .
- اعتبار اليهودية : عقيدة وقومية .
- تنظيم اليهود العالم عن طريق : مؤسسات محلية موافقة للقوانين المعمول بها فى كل بلد ، و اكتتابهم لصالح قيام دولة لهم .
- العمل على كسب تاييد ، و دعم الدول لقيامها .
- البرتوكولات : أو برتوكولات حكماء صهيون ، وهى عبارة عن : منهج عمل لتاسيس دولة يهودية تسود العالم ، و تتحكم فى رقاب غير اليهود ، و تعاملهم بتعال ، و تنظر اليهم بدونية ، يقال : انها كانت من القرارات السرية للغاية التى اتخذت فى هذا المؤتمر ، وقد تسربت بواسطة سيدة فرنسية عثرت عليها باحد المحافل الماسونية فرت بها حيث باعتها لاحد
كبار اعيان روسيا القيصرية ، ان صح ذلك ، المتاذين من اليهود ، وبدوره عهد بدراستها لصديقة الكاتب الروسى ( سيرجى نيلوس ) الذى قام عام 1902م ، بطباعة نسخ قليلة منها بالروسية ، تسببت بارتكاب مذابح لليهود الذين ذعروا فى شتى انحاء العالم ، فاعلنوا نكران نسبتها لهم ، وانها مزيفة ، و لكن لم بقنع ذلك معظم شعرب أو روبا ، فقاموا بشراء كل النسخ باثمان باهظة من الاسواق ، غير ان سيرجى اعاد طبعها منقحة عام 1905م ، وفى الحال نفذت ، لان اليهود اشتروها ، و كرر طباعتها عام 1911م ، و نفذت بنفس الطريقة ، واصدر طبعة رابعة لها سنة 1917م ، وهو العام الذى قامت به الثروة البلشفية بروسيا ضد القيصرية ، فاختلفت البروتوكلات عدا نسخة من الطبعة الثانية بالروسية كان قد احتفظ بها ( المتحف البرطانى ) ، وقعت بالمقادفة بين يدى مراسا جريدة ( Morning post) المكلف بتغطية اخبار الثورة البلشفية اثناء بحثة عن معلومات عن روسيا ، فقام بترجمتها للانجليزية ، ونشرها ، ولم يعد طبعها سوى مرة واحدة سنة 1921م ، و بعدئذ لم يجرو ناشر على طكبعها ، وهنا لابد من الاشارة الى ان كثيرا من الباحثين المتخصصين ، و الموثوق بهم يشككون بنسبة البرتوكولات لليهود ، و بينهم مناصرون للحق الفلسطينى ومنهم : عرب لعل من ابروهم د . عبد الوهاب المسيرى ، وفيهم من يرى : ان كره اليهود الذى افرزته تصرفاتهم غير الاخلاقية ، و اعمالهم اللانسانية دعت لوضع
البرتوكولات و نسبتها لهم حتى تحذر الامم التى يعيشون فيها من مخططاتهم الجهنمية .
وسواء صحت نسبة البرتوكولاتهود ، أو لم تصح ، ففى التوراه ، و التلمود وما يحفل به تاريخهم ، واشتهارهم بالكيد ، و الابتزاز ، و الغدر ما يكفى لادانتهم ، ويؤكد خبث نواياهم ، واحقادهم ، وز شرورهم .
ب‌- الصهيونية بعد هرتزل : بوفاة سنة 1904م ، حسب الكثيرون : ان الحركة الصهيونية قد انتكست لعدة اسباب ابرزها :
1- خليفة هرتزل د. ( وولفسون ) رغم خدماته للصهيونية ، فرؤيته لم تكن واضحة ، وشخصيته كانت تفتقر للبريق و القوة ، و زاد على ذلك استخفافة بشباب الحركة امثال ( حاييم و ايزمان ) ، فانقسمت و الحالة هذه الى تبارين :
أ- تيار واقعى راى : قبول المتاح بالعرض البريطانى وهو قيام دولة يهودية اما بمنطقة العريش ، واما فى ( أو غندا ) ، وذلك لسبيين :
1- فلسطين التى رغم اقتناع اصحاب هذا الراى : بان عوافط اليهود من الصعب ان تتجه لغيرها يحكمها العثمانيون الذين لا تسمح قوانينهم بتمليك اليهود للراضى ، أو هجرات علنية منظمة اليها .
2- بريطانيا لم تكن مستعدة بغير هذا العرض .
ب- تيار عملى يرى : ان التحرك السياسى من منظور واقعى ، وان طلب ، فمهما صعبت العراقيل لا يجب ان تحول الانظار عن فلسطين ، و تعطل الاجراءات اللازمة لتنمية الشعور الدينى و القومى نحوها ، وغرس المبادئ الصهيونية ، وان منع الحكومة العثمانية بيع اراض لليهود لا يجب ان يحبطنا ، فالامل كبير بالوصول الى الطرق الى تنتهى بنا للاستيطان بفلسطين برشوة المسؤولين العثمانيين عنها .
ج- يهود العالم كانوا بحاجة لتقوية ثقافتهم اليهودية ، و تعلم اللغة العبرية ، و بعض الدول التى يعيشون فيها كانت تخشى ان يؤدى السماح لمنظمات يهودية ليست فيها الى : فصل يهودها عن بقية مواطنيها وان يؤدى تقوية شعوورهم الدينى الى فتن طائفية .
د- انتصار التيار الاخير الذى كان الدور الابرز فيه لوايزمان لنشاطة ، وحماسة ، و نوعيه علاقاته ، وان انهى الخلافات ، وحقق التنسيق ، ونجح بكسب بعض التاييد ، ودعم اثرياء اليهود ، لم يستطع حتى هذا الوقت نقل الحركة الصهيونية من النظرية الى التطبيق ، لان هذا كان يستلزم : متغيرات ، و مساعدة دول فاعلة ، وما ستسفر عنه الحرب العالمية الأو لى التى لا زالت مجهولة ، وهذا ما سناتى عليه فى موضعة .
طبيعة اليهود .. و سلوكهم:
اكساب التوراه الموضوعة ، و تعليمات و شروحات الحاخامات فى التلمود قداسة بجعلها صلب العقيدة اليهودية ، وما تشبعوا به عبر القرون ، و تعودهم على السرية ، وكتمان نواياهم ، و شحنهم ببغض الاخرين ، وباحة الحاق الاذى بهم ، و الترفع عليهم ، و اعتزالهم فى احياء خاصة بهم ، وتاكيد حالة النفى خارج فلسطين ، و المبالغة بتمجيد الذات ، و تكبير الادوار ، والهاب المشاعر ادت الى : تكوين اليهود تكوينا تفردوا به عن سراهم ، حيث انزرعت فيهم مشاعر الغربة و الحنين ، افعتبروا انفسهم غير نكلفين بالمواطنة الا بفلسطين .
وانطلاقا من ذلك : اتغرست بتفكيرهم كميات هائلة من الانانية ، و الشعور بالفوقية ن وقد عنصروا بما استحدثة الحاخامات : العقيدة اليهودية ، فتجلببت بغير جلبابها ، فانغلقت على نفسها رغم انتشارها فى العالم ، و انكمشت برغم حضورها ، و اثرت رغم تقوقعها .
و عليه نراها : محلية و عالمية فى ان : محلية لكونها غير دعوية كالاسلام ، أو تبشيرية كالمسيحية ، و عنصرية ترفض الاخر ، ولا تقبل الاندماج ، أو تؤمن بالتعايش ، و يعتقد اتباعها : ان تكاثرهم يحيلهم لغوغاء ، وينزع منهم صفة : التميز و عالمية بفعل الشتاتات التى لحقت باليهود ، و تعدد سبيهم ، و بالتالى : تفرقهم فى انحاء الارض ، و اتعناق اقرام من اجناس ، و الوان مختلفة ، و بلدان متباعدة : ثقافيا ، و اجتماعيا ، و جغرافيا ، و بيئيا لها بصورتها الحاخامية .
ومع السنين ، و التوارث غير المنقطع ، و لطلب التميز الذى اختمر فى اذهانهم توافرت قناعة عند كل يهودى بالعالم ، ومن شتى الاجناس : ان جذورة تمتد الى ( العبرانيين ) الذين اذابهم تيار الزمن .
قلة عدد اليهود خلفت حسرة باسرائيل على فشل مخطط الاجداد التريخى الذى حرمها من العمق الديموغرافى ، وان حضر اليهود بقوة تاثيرهم ، و نفوذهم من خلال : قوى الضغط ، و بعض المذاهب المسيحية ، و الاحزاب ، و المجالس النيابية ، و سياسات اكثر الدول المؤثرة ، و بعض المؤسسات ، و الجمعيات القوية و الصناعات ، و المصارف ، و البيوتات المالية ، ووسائل الاعلام ، وبقدرتهم على المكر ، و صنع المكائد ، و شراء الذمم ، وان حضروا ، فاسرائيل قلقلة على مستقبلها بسبب : قلة العدد ، و محيطها المعادى ، و عنف مواجهتها ، وامكانات العرب : البشرية ، و الاقتصادية ، و الثقافية .
ادراك اليهود فى ان امامهم الكثير جدا من : الجهد ، و العمل ، و الوقت ليصلوا لماربهم التى يمكن تلخيصها فى استعباد غيرهم ، و تبوا سدة السيادة بحكم العالم ، فهم لا يرون : انهم يجرون واء سراب وانما هو : الوقت الذى لم يحن بعد ، ومن واجب كل يهودى : العمل ما وسعه ،
ان منفردا ، أو ضمن فريق ، أو مؤسسة لليوم الموعود بمشيئة الرب لليهود .
ومن ميزات اليهودى ، ان جاز التعبير : براعته بالتمثيل و الظهور بحسب مقتضى الحال ، وما يتوافق مع المواقف و الظروف ، و عدم لفت النظر الى ما يضمره ، و التلون كالحرباء ، و كل شئ مرهون بمصلحته ، ومن اجل مراده يزايد على شرفة ، و يميت ضميرة ، و يلغى ذمته ، و يروج المفاسد و الفواحش .
انه فى حالة الضعف يذل و يتمسكن ، و يبدو مخلصا ، وحافظا للجميل ، و مطيعا للأو امر ، و بنواله بغيته ينتكر ، و يصور الاشياء على عكس حقيقتها ، ولا يجاريه احد بمهارته بالتسبب بالضرر ، و التغرير و الاغراء ، و ابطان الضغائن ، و التزييف ،و تغليف الشرور .
و عندما يتقوى و يتنفذ يطغى ، ويكابر و يظلم ، و يتعامل بفوقية ، و يبنظر للناس و مرؤوسية بدونية ، و يمعن فى الاهانة ، ولا يردعه – فى الغالب – خلق ، أو تانيب ضمير .شخصيته المركبة ، و تصرفاته المتناقضة ، و اهدافه الغامضة ، و ربويته و انغراليته ، و نفوره من غير ابناء ملته ، وظاهرة البخل فيه ، و مسلكة المريب ، و شكوكة بيهودية من ليست امة يهودية ، و تكلس مفهوماته ، و مبالغاته ، و تهويلة لقضاياة مثل ( المحرقة ) ، ( و اللاسامية ) ، و قضية ( دريفوس) وأن اليهود خلف الشيوعية ) و النازية ، و الفاشية .
و لليهود رغم ايمانهم بالاساطير و التخاريف ، و انغلاقهم و تقويقعهم ، و غرامهم بالماضوية : قدرة على قراءة الاحوال الحاضرة ، و التاثير القوى على اصحاب القرار ، و التكيف السريع ، و تكوين العلاقات ، الا ان ذلك لم يحل دون الحذر منهم ، و الخوف من مخططاتهم ، و الريبة مما يقومون به ، فامتزج ، و هذا حالهم ، كرههم بالاعجاب بهم ، وهم يرون فى تعدد الاحزاب ، و اختلاف الايدولوجيات ، و تقسيم العالم الى : راسمالى و اشتراكى ، وأو ل ، و ثان ، و ثالث ، و غنى و فقير ، و متقدم و متخلف ، و تغذية العصبيات : الدينية و المذهبية ولاعرقية ، و دعم الثورات ، و التحريض على العصيان ، تضادا فى المصالح ، و تباينا فى التوجهات ، وهى عوامل ممهدة للفتن التى تفرق الامميين و تضعف قدراتهم ، و تستنزف قواهم و امكاناتهم .
و عند اسفار الاختلاف عن : التنوع و التعددية ، وما تاتيان به من اضافات حضارية، و مزيد من الروافد العلمية و الفكرية ، و التفاعلات المؤسسة ، فيبدو انه مؤمن عليها بالوعى و الافكار ، فهذا لا يعنى الا ان المخطط مؤجل اتنفيذة لمزيد من الوقت .
واننا اذ لا ننكر اهمية عباقرة اعلام ، و علماء و مفكرين افذاذ من اليهود قديما و حديثا بينهم من انتفعت الانسانية من عطائهم الفكرى و العلمى ، فانهم لم يكونوا صهاينة ، و نشأو ا فى بيئات غير تلمودية ، وفى احضان حضارات امم هم منها : جنسا و مواطنة .
وكون ما يلاحظ : من ان اليهود مثلهم مثل كل الاقليات فى كل مجتمع ، تحأو ل التفوق بالتحصيل العلمى ، و اكتساب الخبرات و المهارات ، وفى الاعمال التجارية لاثبات حضورهم ، فاليهود يختلفون عنها بتفكيرهم العنصرى ، و اخفاء اغراضهم ، واضمار الكرة ، و احتقارغيرهم .

الفصل الثالث : الوعد ......والحق التاريخي

يدعى اليهود : ان لهم حقا الهيا بفلسطين فى وعد ابراهيم عليه السلام بارض كنعان ، و هيكل سليمان ، و تاريخيا فى العبراينيين ، و مملكتى : يهوذا ، و السامرة .
والقرون الكثيرة التى عاشوا اثناءها فيها – على حد زعمهم – وقد وقع عليهم ظلم عانوا منه ، ومن اثاره : معاملتهم فى البلدان التى نفوا اليها بدونية ، و بينها من : كلفتهم باعمال السخرة ، ومارست الاذلال عليهم ، وهذا ما سنحأو ل بيان بطلانة ، ولكننا قبل ذلك نرى من المناسب : الوقوف قليلا عند التسميات التى سميت بها : فلسطين التى طغت على الاسمين السابقين .
كانت تعرف بالارض الواطئة ، ربما لوقوعها على سهول ينحدر القادم اليها من كل الجهات ، وان تخللتها : بعض التلال و الجبال ، فبالنسبة للمتجة نحوها تبدو منخفضة ، وتمتاز : بخصوبة التربة ، ووفرة المياة ، و استراتيجية الموقع لربطها ، اسيا بافريقيا ، و توسطها العالم القديم ، و لكنها مع ذلك ظلت شبة خالية ، و غير عامرة لعجز اى من المتصارعين : حسم الصراع لصالحة الى ان حسمه الكنعانيون لصالحهم ، فاصبحت معروفة ب (ارض كنعان )
اما اسم فلسطين الذى طغى ، فيعود الى ( قبيلة فليستا ) ، أو ( الفلستينين ) ، وقد ابدلت ( التاء ) ب ( الطاء ) ، وفى اغلب اللغات الأو روبية : تنطق و تكتب ( Plastine) ، و الحقيقة انه ، وان غلب مسمى : فليستا ، ، فقد شمل مجموعة القبائل القادمة من جزيرة ( كريت )
التى سكنت المنطقة الممتدة من : يافا الى عكا ، و استطاعت التغلب على بنى اسرائيل ، و لكن هؤلاء عادوا ، و تغلبوا عليهم ، فغابوا عن الاحداث ، و لم يبق لهم اثر .
الوعد
الوعد كان لابراهيم عليه السلام و ذريته من : اسماعيل ، و اسحاق ، و لا يقتصر على نسل يعقوب ، أو فقط معتنقى : الديانة اليهودية ، و معلوم : ان ابراهيم ابو الانبياء ، ومنهم محمد صلى الله عليه و سلم ، وقد قال تعالى : ( واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال انى جاعلك للناس اماما ، وقال : ومن ذريتى ، قال : لا ينال عهدى الظالمين ).
لقد كافاهم – سبحانة – فانقذهم من بطش فرعون ، و اطعمهم بعد جوع ، ورغم عصيانهم لموسى عليه السلام ، و تعييرة ، و عبادتهم لعجل السامرى المصنوع من الذهب ، و امهلهم : فنجاهم من النكبة ، واذل اعداءهم ، ومكنهم بالقوة و السلطان ، و لكنهم لم يشكروا ، وارتدوا للوثنية بعبادة بعض الاصنام ، وقد قتلوا الانبياء ، و ذبحوا الاطفال ، ولم يرحموا الشيوخ ، و بقروا بطون الحوامل ، و قطعوا الاشجار ، و حجبوا الارزاق .
ان الارض لله يورثها من يشاء ، و الاستخلاف للذين امنوا ، و عملوا الصالحات من عبادة ،و اليهود جحدوا ما جاء به موسى ، وافتروا وتامروا عليه ، ولما لم يوافق عيسى اهواءهم حاربوه ، وكادوا له ، و عنصروا العقيدة اليهودية ، وداسوا القيم ، وزوروا التاريخ ، واغتصبوا و شردوا ، و ارتكبوا المجازر ، و سلبوا الاموال ، وهتكوا
الاعراض .
ثم ان الوعد قد تحقق للعرب الذين هم من ذرية : اسماعيل بن ابراهيم قبل الاسلام فى الهجرات البشرية من الجزيرة العربية منذ الالف الثانية قبل تدوين التاريخ على اثر انحباس الامطار عنها ، وتحولها بالتدريج الى الجفاف ، وبعد الاسلام فى الفتوحات العربية ، ووثبات غالبية سكان فلسطين ، سواء من كانوا فيها قبل فتحها من عرب و غيرهم ، وبعدة من العرب الذين هاجروا اليها ، واستقروا فيها ، ثباتهم على العقيدة الاسلامية خمسة عشر قرنا ، واعتراف اليهود بابوة ابراهيم لاسماعيل لم يمنعهم من المفاضلة ، و الافتراء على الله ، و تكريس التفرقة ، وتقديم الابن الصغير على الكبير من غير مسوغ سوى : ان ام اسماعيل مصرية اذ جاء فى الاصحاح السابع عشر من سفر التكوين ما نستخلص منه : ان الرب امر ابراهيم بتغيير اسم زوجه ( ساراى ) الى سارة ) ، ووعده منها ابنا ستكون منه الامم و الملوك ، سالة ابراهيم : واسماعيل ، وها هو : ماثل بين يديك ، اجابة الرب : ساباركة و انمية ، و اجعل منه امة عظيمة ، ولكن سارة ستلد لك ( اسحاق ) الذى عهدى سيكون له ، و لنسله من بعده ، و ذلك من غير ايضاح السبب لحرمان اسماعيل .
و يذهبون لاكثر من هذا بقصة الفدى فيجعلونه فى اسحاق لا اسماعيل ، و يبدلون مكانه من مكة الى برية بئر سبع ، و استطاع
الصهاينة : ان يقنعوا اليهود فى العالم بعدم انتساب النبى محمد عليه الصلاة و السلام لاسماعيل بهدف : نفى حق العرب و المسلمين بفلسطين ،وهم بذلك يطلبون مالا يقرهم عليه حتى من سبقوهم من اليهود ، فالنبى محمد يتصل نسبة بمعد بن عدنان عن طريق كنانة ، و عدنان جدة الاعلى : اسماعيل بن ابراهيم ، عليهما السلام ، وقد قال عليه افضل الصلاة ، و ازكى التسليم : ( ان الله اصطفى من كنانة قريشا ، و اصطفى من قريش بنى هاشم ، واصطفانى من بنى هاشم فانا خيار من خيار ).
و يزيدون بقرن الوعد باصطفائهم كشعب مختار ، وهو ما يرون فيه : استعبادهم للاخرين ، وتنزيههم بحيث لا تنالهم العقوبات مهما بلغ ارتكاسهم فى الموبقات ، وما يحق لهم لا يحق لغيرهم ، وعنهم ترفع الذنوب و الاثام ، وهذا يبيح لهم : الاغتصاب ، و التعالى ، و القتل ، وما يستطيعونه بالقوة و العنوة ، والا بالغدر ، و الخيانة ، و التضليل ، و الاحتيال .
و التوراة التى كتبت بعد وفاة موسى بعشرين قرنا صورتها الحالية ايضا : مختلفة عن تلك الموضوعة قبل عشرين قرنا ، فبحسب ما كانت تتطلبة المواقف و المستجدات يغيرون و يبدلون ، فبدت مكتوبة فى ازمنة متفأو تة ، و اقلام متعددة وقد تخالتها خيالات ، و مفارقات ، تاثرت باحداث متباعدة زمانا و مكانا .
يضاف الى ما تقدم : ان اليهود كانوا يرون : ان الوعد سيتم على يدى المسيح المنتظر الذى سيعود الى أو رشليم ، ولما طال انتظارهم
له قالوا فى التلمود : سيظهر حينما تنبت الارض : الفطر ، و الملابس و القمح الذى بحجم كلأو ى الثيران ، و لكنهم رأو ا : الغاء ما امنوا به من ان هذه : علامات ظهور المسيح باعتبارها : مستحيلة ، و الحقيقة : انهم تعجلوا ما زعموه : وعدا فانكروا ظهور المسيح ، ودعا الصهاينة منهم : الاستيلاء على فلسطين ، ولا تزال طائفة منهم تعارض قيام دولة اسرائيل انتظارا للمسيح ، و طرح الارض الفطر ، و الملابس ، و الحبوب التى الواحدة منها بحجم كلية الثور .
وفى التوراة و التلمود نجد تناقضا فى صيغ الوعد ، ولعلة يكفى ان نضرب مثاين :
- الوعد اختلف : مرة على مد النظر ، واخرى ارض كنعان ، وثالثة : من النيل للفرات .
- حفولها بالاساطير و الخرافات ، و الدعوات للبغضاء ، و الاغتصاب و ممارسة الرذائل و المعاصى ، و التنكيل ، و العنف ، و التعدى من المستحيل : ان توحى لنبى .
- وهكذا يتضح : ان فظائع اليهود ، ومظالمهم ، و انحرافهم عن عقيدة موسى ، ومخالفتهم تعاليم السماء ، و تزويرهم التوراة ، و قتلهم الانبياء ، اسقطت انسانيتهم ، فكرههم جيرانهم ، وظلوا فى صراعات معهم ، و تسلطت عليهم الامم ، ووقع عليهم سخط الله ، وتفرقوا فى الارض اذلاء منبوذين ، و لكنهم عادوا الى سيرتهم الأو لى بشكل اخطر .
وبزى مختلف ، وبوجه ايتدراجى ، و تخطيط ان لم يتناد العالم لاحباطة ستحل الماسى ، وتشتعل الحروب ، و يعم الجوع و الخراب .
الهجرات السامية
فى العصر الذى بدات تختفى فيه العيون و الانهر من شبة الجزيرة العرب ، و ينحبس المطر ، ويزحف الجفاف ، اخذ سكانها ، و جميعهم كانوا من الجنس السامى ، وعلى شكل موجات بشرية ، وفى أو قات متقاربة و متباعدة ، و احيان نشطة ، و اخرى يعتريها : الفتور ، أو تتوقف لبعض الوقت ، ولكنها استمرت لدوافع اقتصادية ، و روحية ، و سياسية .
اخذوا ينزحون فى هجرات ، يهمنا منها هنا ما كان قد جرى فى اعقاب هذا العصر لدافع اقتصادى فى المقام الأو لى نحو اضفة الانهار ،
و مواضع الخصب كمصر ، و بلاد الشام ،و بلاد ما بين النهرين التى استقربها القوم الذين ينتسب لهم ابراهيم عليه السلام الذى كان مسلما حنيفا ، ولم يكن يهوديا ، أو نصرانيا ، ومنها تمددت هجراتهم الى بلدان ، وقارات اخرى .
الكنعانيون :
قبيلة عربية سامية نزحت من جزيرة العرب عام 2000 ق.م ، فحلت بالارض الواطئة التى صارت تعرف بارض كنعان بعد ان بسطت عليها سلطتها ، و عمرتها ، و زرعتها ، و حفظت امنها ، و تعايشت معها كثير من الاقوام ، و منها : يتفرع : اليبوسيون ، و العموريون ، و الحماميون ، و غيرهم ، ويمت لها برابطة الدم ( الفينيقيون ) الذين بلغوا بالتجارة ما لم تبلغة امة سبقتهم ، وفى العديد من القرون بعدهم ، وقد جابت اساطيلهم بحار العالم القديم ، واسسوا المدن و الممالك ومنهم : القائد ( جنيعل ) الذى طالما هزم جيوش روما الجرارة ، وكاد يستولى عليها .
اشتهر الكنعانيون ببناء المدن الحصينة مثل : اريحا ، وبيسان ، و غيرهما، و بلغوا بالزراعة و الصناعة مرحلة متقدمة بمعيار زمانهم ، و النشاط التجارى بواسطة القوافل من بلاد ما بين بلاد النهرين ، و سواحل البحر الابيض المتوسط و بالعكس ، وبانهم اقوياء اشداء ، حتى سموا
( العماليق ) ، و منهم ( جالوت ) ، أو ( جليات ) الذى تقول الرواية الاسرائيلية انه اعجز بنى اسرائيل حتى رماه بالمقلاع ( دافيد ) بكعبة فمات ، وبموته انتصر بنو اسرائيل .
واثناء ما كان اليهود بالتية ارسل موسى يستطلع احوال بلاد كنعان فاتوه باخبار بعثت الرعب فيهم ، فلم يصدقوا موسى من انم الله سينصرهم كما نصرهم على فرعون ، وقالوا له : ياليتنا بقينا بمصر ، فتموت ميته طبيعية لا بحدج السيف .
العبرانيون :
تقول بعض الروايات : ان العبرانيين فرقة صغيرة فرت من وجه الغزو ( الكاسى ) الذى اجتاح بلاد ما بين النهرين بقيادة شخص يدعى ( عابر أو عبران ) نسبت اليه ، و اخرى ترى : ان الاسم اتى من عبور هذه الفرقة نهر الاردن ، أو الفرات ، و لكن ما يضعف هذه الرواية : ان حجد ابراهيم المباشر اسمة ( عابر بن شالح ) و يرى بعض المفسرين : ان قوله تعالى ( واذ قال ابراهيم لابية ازر اتتخذ اصناما الهة ) ، هو وصف لوالدة ( تارح ) ، اى الناصر و المعين ، و ازر من : الازر ، وصف لوالدة ( تارح ) ، اى الناصر و المعين ، وازر من : الازر ، و الوزر ، الخ ، و قصة خروجة عليه السلام من ( فدان ارام ) كانت كما فى القران الكريم بسبب انكارة على قومة عبادة الاصنام التى كان والدة يصنعها لما اتاه رشده اذ قال تعالى ( ولقد اتينا ابراهيم رشدة من قلب وكنا به عالمين ) .
وليبطل اعتقادهم بمنافعها : الحق الاذى بها ، و لكنهم ابوا الا المكابرة ، والسدر فى الغى فالقوا بالنار ، فجعلها – سبحانة – بردا وسلاما علية .
بعدها : ارتحل أو لا الى ( أو ر ) ، ثم مر بحاران ، ومنها اتجه الى فلسطين التى حل بها ، ومعه : زوجة سارة ، وابن اخية ( لوط ) ، وزوجته ، وفيها اقام فى ( شكيم ) ، و لكنه لم يطل المقام فيها بسبب الجدب ، فانتقل لمصر زمن ملوك الرعاة ( الهكسوس ) ، و بحسب رواية التوراة : انه ادعى ان سارة اخته ، حتى يتقى بطش الرعاة ، فطلبها الملك لنفسة ، غير انه راى فى المنام : ان لها بعلا فعدل واعطى ابراهيم اموالا طائلة ، و كانها تقول : بانه استغل جمال زوجته للحصول على المال ، و هذا بالطبع لا يصح ، فهو نبى لا يفعل ما يشين ، و منزه علما ان سارة كانت قد تعدت السبعين .
عاد ابراهيم لفلسطين ، و ذهب لوط الى ( سادوم ، و عاموره ) ، جهة البحر الميت ، و معهما من الامول الكثير ، ولان سارة ، كانت عاقرا زوجته جاريتها ( هاجر ) فولدت له : اسماعيل ، و لكن الله شاء ان تلد له سارة اسحاق وهى فى التسعين .
مات ابراهيم عن مئة و خمسة و سبعين عاما ، وقد دفنه بعد وفاته اسماعيل واسحاق بجانب زوجة سارة ب ( قرية اربع ) التى صارت تعرف بمدينة الخليل أو (حبرون ) ، وفى التوراة : ان إسماعيل مات بفلسطين ، بيد ان المؤرخين العرب يقولون : بمكة ، وانه قبر مع والدته بجوار الحرم ، و اسحاق عمر مئة و ثمانين سنة ، ودفن بالخليل .
انه رغم ما كان منن قيمة و نفوذ لابراهيم وأو لادة ،و احفادة ، فقد كانوا متعايشين مع الكنعانيين ، و بكنفهم ، ولم تدم اقامتهم بفلسطين مع اعوانهم ضمن السيادة الكنعانية سوى بضعة عقود ، وكان اخرهم ( يعقوب ) ، الذى تسمى باسرائيل ، و لكنه تؤكها بعد ما طمانة ابناؤة على ( يوسف ) لمصر ، وبمعيته : أو لاده و اتباعة ، ولم يكن عددهم يزيد على السبعين ، و برحيلة خلت فلسطين من العبرانين الى ان عادوا اليها بعد التية .
بنو اسرائيل :
امتداد للعبرانيين من جهة يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الخليل الذى انجب اثنى عشر ولدا تكونت منهم اسباطهم ، و الغريب :ان يعقوب بارك منهم – كما فى الكتاب المقدس – يهوذا بعد ان جمعهم حين حضرته الوفاة رغم حبة الشديد ليوسف ، و معاناته من فقده ، و الاعتراف بفضله بجمع شمل الاسرة ، و فك ما اصابها من ضيق العيش ، باركه
وقال : بانه سيكون سيد اخوته ، وان المسيح المنتظر سياتى من نسلة ، ومنه الملوك
انتسبوا ليعقوب باسمة البديل ( اسرائيل ) ، حيث اعتبر الصهاينة : ان كل يهودى لابد ان يكون : اسرائيليا ، لان اليهودية : عقيدته ، و الاسرائيلية : قوميته و السؤال : ايهود هذا الزمان متصلون بالعبرانيين ، و الاسرائيليين من الناحية العرقية؟!
جواب هذا السؤال حاضر ، ولا يحتاج لجهد حتى نستطيع اثبات نفى العرقية عن الدين ، وان حأو ل الحاخامات عنصرة اليهودية ، وعدم الدعوة اليها مما ادى الى قلة عدد اليهود ، فالمؤكد : انهم ليسوا من جنس واحد ، و ذلك للسببيين الاتيين :
- تيار الزمن ذوب العبرانيين و الاسرائيلين منذما يزيد على : الفى عام بحيث من المستحيل ان يوجد يهودى فى كل انحاء العالم من سلالتهما ، و ايضا : هذا ما جرى على القبائل العربية القديمة كالنعانين ( العرب البائدة ) ، و لكن الحال مختلف من عدة جوانب .
- العرب ظلوا بالمنطقة ، ولم يتفرقوا بسببى ، أو شتات .
- العروبة ليست عرقية مذ ارتقى بها الاسلام ، فامتصت واستوعبت ، ورحبت كل الاجناس بالعقيدة و القيم .
- غير المسلمين من العرب لم يحل اختلاف عقيدتهم دون ايمانهم بالاسلام حضارة ، و نظاما حياتيا .
- اليهود الحاليون غالبيتهم من ( الخزر ) الذين كانوا منتشرين ما بين روسيا و القوقاز ، حتى بحر قزوين ، و شبة جزيرة القرم ، اعتنقوا اليهودية رغبة من ملكهم فى ان يخلصهم من عبادة الأو ثان ، ومنهم اكثر الصهاينة ، و المهاجرين لاسرائيل ، يليهم فى العدد : اليهود الشرقيون ، وهم : اما من العرب ، واما من يهود شبة الجزيرة الايبيرية الذين طردهم الاسبان منها على اثر سقوط الحكم العربى بغرناطة ، و سكنوا شمال افريقيا ، و ( سالونيك ) بتركيا ، و اخيرا : اليهود الغربيون و هؤلاء : اليهود الأو روبيون .
- عليه نخلص الى انهم متهودون من اعراق و اجناس ، و بيئات
و بلدان مختلفة ، ومن ثقافات و حضارات لا صلة لها باليهودية ، و لكنهم اعتنقوها عقيدة ، و ضللهم الحاخامات فى الأو هام التاريخية ، و شحنهم الصهاينة بالغل ، و الحقد ، و التعصب ، فوقر فى نفوسهم و تفكيرهم : الكره ، و الكيد ، و التعالى ، و الانا ، و الابتزاز .
أ- ولادة موسى :
كانت – كما فى الكتاب المقدس – 2433 للخليقة و بالفترة التى تكاثر اثناءها الاسرائيليون بمصر ، فخاف فرعون من ان يؤثر هذا على مكانته و نفوذه ، فاضطهدهم ، و سخرهم للقيام بالاعمال الشاقة ، و اصدر امرا للقابلات بقتل كل مواليدهم الذكور ، حيث الهم الله ذويه بوضعة فى النيل ، فقدر سبحانة : ان تجده امراة فرعون التى حنت عليه ، فنال رعاية فى البلاط الفرعونى الذى نشاته و تربيته فيه دعت بعض العلماء الى التشكيك بيهوديته ، بانه كان مصريفا ، بل ان ( سيجموند فرويد ) ، وهو يهودى متعصب يرى : انه كان كاهنا مصريا من اتباع ( اخناتون ) الذى من ديانته الداعية لعبادة الشمس اشتقت الديانتان و النصرانية ، وهو بهذا فضلا على مخالفته لكل ما جاء فى الكتب السمأو ية ، وما اجمع عليه الدارسون يتعسف بتصويب الخطا ، و الاصرار عليه رغم ان موسى لم يكن بزمن هذا الفرعون ، و بلاغ الفتاتين لابيهما بحسن
صنيع الرجل المصرى معهما لعدم معرفتهما به ، فظنتا انه مصرى لقدومة من مصر
وقصة نجاه موسى من الموت وهو رضيع ، و حنو زوجة فرعون عليه ، و سبب خروجة من مصر ، وما جرى بعد ذلك من احداث ، وواجهة من صعوبات و مخاطر فى الصحراء وزواجه من( مدينية ) اختلفت الروايات حول صفة ابيها ، وما كان من اختلاف المفسرين عن عودته لمصر ، ومدة الاجل معروفة .
وتجنبا للاطالة يكفى ان نشير الى ان موسى امتثل لامر الله ، وعاد لمصر ، وحأو ل هداية فرعون ، ومن معه ، ورغم المعجزات ، واعتراف السحرة بعجزهم عن مثل ما فعلة موسى ، تمادى فرعون بالغى ، واخذته العزة بالاثم ، و امر بنى اسرائيل بالرحيل ، و لكنه عدل عن امره ، و لحق بهم ، و يقال : انه لحق بهم ليعيد حلى المصريات من اليهوديات اللاتى استعرنها .
و عند خليج السويس على ساحل البحر الاحمر ادركهم ، وقد دب الرعب فى قلوب الاسرائيلين حين شاهدوا جموع الجند المدججة بالاسلحة ، و لكن موسى طمانهم، و ضرب البحر بعصاه بامر الله ، فانفلق الى ان عبر الاسرائيليون ، ولما وصل فرعون وجنوده موضع عبورهم ، وهم فى اثرهم انطبق عليهم البحر ، ولم ينج منهم احد .
ب: التية : لم يلبث الاسرائيليون بالصحراء عقب اجتيازهم البحر الا قليلا حتى لاموه على اخراجهم من مصر ، و حرمانهم من دسمها ، فساق الله لهم الرياح تحمل ( المن و السلوى ) ، و امرهم موسى بعدم الادخار منهما ، لان ذلك من سوء الظن بالله ، فلم يمتثل قسم كبير منهم ، فعفن ما ادخروا ، و معروف ان الشمس خارقة بشبة جزيرة سيناء ، فشكوا لموسى ما يعانونه ، حيث لا مساكن ولا شجر يتفيأو ن به ، فطلب ربه الذى ظللهم بالغمام مدة تيههم التى دامت اربعين عاما ، ولما لم يجدوا ماء لشربهم ، وسقيا دوابهم ، ضرب عصاه فانبجست اثتنا عشرة عينا حسب عدد قبائل بنى اسرائيل .
قال جلت قدرته ( واذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقلها و قتائها و فومها و عدسها و بصلها قال اتستبدلون الذى هو ادنى بالذى هو خير اهبطوا مصرا فان لكم ماسالتم ) . هذا و يبدو ان عدم الاستجابة لطلبهم مصدره : حثهم على منازلة اعدائهم ، وحتى يجنبهم التقاعس ، و لكن ذلك لم يجد معهم .
كان معظم الاسرائيلين قد تاثروا بما كان عليه فرعون و قومه ، فقلدوهم شان ولع الضعيف تقليد القوى ، ورغم ما لقوة منهم من : احتقار ، و تعذيب و سخره ، وما ظهر من معجزات قام بها موسى بامر الله ، و تحريرهم من العبودية ، و توفيرة الماء و الزاد ، و الظلال ، و ما تكبدة من السخرية و المشاق لانقاذهم ، و تذكيرهم ، و وعظهم : ان كل ماحدث بارادته سبحانه المنزه الذى لا شريك له طلبوا منه : ان يصنعوا الها يعبدونه ، ولم يفد فيهم تسفيه و تجهيل موسى ، فانتهزوا تجأو زه المدة التى حددها لهم ، وهى : ثلاثون يوما مع مسافة الطريق الى جبل ( حورب ) حيث الميقات مع ربة ، و نزول الوصايا العشر عليه فى الواح مكتوبة ( التوراه ) ، وكان قد استخلف هارون عليهم . انتهزوا تجأو زة لها بعشرة ايام امره الله سيامها : لعبدو عجلا صنعه من الذهب الذى سرقته الايرائيليات من نساء مصر شخص يدعى ( السامرى ) بعد اذابته ، وكان عارفا بعلم ( الحيل ) ، فجعل له خوارا ، وقال : انه الهكم واله موسى ، ولم ينجح هارون فى ثنيهم عن عبادته ، وقد رجع موسى بعدما عرف من الله ما جرى لقومة ، وهو بقمة الغضب مما فعلوه ، وكان قبل رجوعة قد توسل لله بان يغفر لهم ، و كسر لوحى الوصايا ، و حطم العجل ، و قال ( الهكم الله الذى لا اله الا هو ).
وعند الاقتراب من فلسطين امر الله موسى بدخولها ، و لكن قومة خذلوة و عصوه ، و دخل قلوبهم الرعب مما سمعوه من قوة وبطش الكنعانيين ، لانهم اعتادوا على الذل و الهوان ، و الخوف بمصر ، فعاقبهم الله بالتية الذى دام اربعين عاما ، قال علا شانه L قالوا يا موسى انا لن ندخلها ابدا ما داموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون – قال رب انى لا املك الا نفسى واخى فافرق بيننا و بين القوم الفاسقين – قال فانها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون فى الارض فلا تاس على القوم الفاسقين )
لم يشا الله ان يدخل موسى و هارون ارض الميعاد ، فقد مات هرون قبل موسى ، ودفن بسيناء ، وبعده ادركت الوفاة موسى عليه
السلام ، و قبل وفاته نظر لفلسطين من اتلجبل الذى قبر فيه ، وتقول التوراه : حين امره الله بالعودة لمصر كان فى الثمانين ، و حين مات كان قد تعدى عشرين سنة بعد المئة .
ج- الهجوم على فلسطين :
قبل وفاه موسى احصى بنى اسرائيل من العشرين فما فوق فلم يجد حيا ممن خرجو ا معه من مصر سوى ( يشوع أو اليشاع بن نون ) و ( كالب ) ، و هذا معناه : انه سبحانه قد اهلك المحاربين الذى عصوه اثناء التية ، و قالوا له ( انا هاهنا قاعدون ) ، وحرم عليهم دخول ارض كنعان تحريما ابديا .
تولى قيادة الاسرائيليين بعد موسى : يشوع بن نون الذى تمكن من دخول فلسطين التى التف عليها من جهة شرقى الاردن ، و كانت أو ل مدينة دخلوها ( اريحا ) ، وقد خالفوا ما امرهم به الله : ان يدخلوها ساجدين ، و بشهادة التوراة : ارتكبوا فيها ابشع ما يرتكبة بشر .
الاسرائيليون بفلسطين
لم تكن عرفت بهذا الاسم ، وكانت تعرف بارض كنعان ، لان الكنعانيين هم الذين عمروها ، وكان قد مضى على سكنها منهم ، ومن غيرهم من الاجناس عشرون قرنا ، وكانوا امنين متاخرين ، يجمعهم العيش المشترك ، و المصالح ، و التعأو ن المتبادل ، و كان ما يجب على الاسرائيليين ، كما شاء الله ، وتبلغ به موسى ، و القلة التى امنت بما انزل عليه : طاعة الله ، و الاقتداء بنبية ، و الدعوة لعقيدتهم ، و التخلق بلاخلاق الحميدة ، وان يكونوا قدوة تحيل الوثنيين الى عباد لرب العالمين ، و لكنهم فجروا و استبدوا ، و ارتكبوا المعاصى ، و ترفعوا ، و قتلوا و تامروا مما عرضهم للشتاتات ، و الصراعات مع السكان الاصليين ، وبغض الامم ، و التقوقع و الانغلاق .
بعد النصر الذى حققوة و زعهم ابن نون حسب اسباطهم الاثنى عشر ، وقد أو صاهم باتباع شريعة موسى ، و كان قبل وفاته قد طعن بالسن ، فأو كل حكمهم لقضاه حأو لوا هدايتهم للفضيلة ، و تقدير نعمة ، غير انهم ما لبثوا حتى عادوا للشرور باشد مما كانوا عليه ، و كفروا بنعمة ، و اسلموا انفسهم لعبادة الأو ثان ، فغلبتهم الامم الاخرى الى ان بدا عهد الملوك كان أو لهم ( شأو ل ) ، و بعده جاء ( دأو د ) عليه السلام ، و كان ملكا و نبيا ، ول أو ل مرة يتوحد الاسرائيليون تحت حكمة ، و تثبيت سلطتهم بعدما كانوا فى العهود السابقة عرضة لغزوات جيرانهم ، و كانت أو ضاعهم غير مستقرة ، وفى اكثر الاحيان مغلوبين ، و بعهده : تم الاستيلاء على قلعة ( أو رشليم ).
خلفة ابنه ( سليمان ) عليه السلام الذى اعطاه الله ملكا واسعا ، و خصة : بالذكاء الفائق ، و الحكمة ، و علمة منطق الطير ، و اصوات الحيوانات ، و سخر له الرياح و الجن ، و قرب البعيد .
بوفاه سليمان انقسمت مملكة اسرائيل الى مملكتين : مملكة يهوذا برئاسة ابن سليمان ( راجيعام ) ، وتتكون من سبطى : يهوذا ، و بنيامين ، و كانت عاصمتها : أو رشليم ، و عشرة اسباط تكونت منهم : مملكة اسرائيل بالشمال ، و عاصمتها كانت ( السامرة ) ، وقد تعادت المملكتان ، وظلت سيادتهما مهزوزة بالاختراقات و الهزائم و الصراعات ، وارتدتا لعبادة الاصنام ، ومنها : عجلان من الذهب .
الشتاتات :
لم يستقر الاسرائيليون ، وأو يتوحدوا ، ويسود لهم نفوذ ، و يامنوا على انفسهم ، ولا يسأو رهم القلق طوال تاريخهم بفلسطين الا فى عهدى :دأو د و سليمان عليهما السلام ، لانهم جاحدون يتمادون فى الاغواء ، ولا يسلكون سبل الرشاد ، و اغتروا بالدنيا دون الاخرة ، فسلط الله بعضهم على بعض بالصراع بين مملكتيهما ، وما ان اسقطت مملكة اسرائيل مملكة يهوذا حتى حرصروا و سبوا .
غزاهم الاشوريون بعهد ( شلمنصر الثالث ) الذى الحق بهم هزيمة نكراء ، وقام خليفته ( سرجون الثانى ) بضم مملكة اسرائيل سنة 720م ، و كاد يفنى كل اليهود بفلسطين ، و بمجىء البابليين الذين حلوا محل الاشوريين سبا ملكهم ( يبوكد نصر ) ، بقاياهم ، و شتتهم فى انحاء مملكته ، و ذلك بعد تدميرة ( هيكل سليمان ) فصارت بهذا فلسطين كلها تابعة لبابل .
وكان من ضمن السبايا : حاخامات بيت دأو د الذين كانوا يجلسون على شاطئ الفرات يبكون و يتذاكرون ملكا لهم فى أو رشليم ، حيث يرى كثير من الباحثين : ان هاجس العودة ، و بكاء اليهود عند ( البراق ) الذى يسمونه ( حائط المبكى ) ، و يزعمون : انه بقايا الهيكل ، و بذور الصهيونية تعود لهم ، وقد اعاد كثرة منهم لفلسطين الملك الفارسى ( كورش) الذى تغلب على البابليين .
وفى العهد الرومانى احتل ( تيتوس ) أو رشليم ، وهدم الهيكل ، و قتل كل من قدر على قتله من اليهود ، و استمر هذا من 66-70 م ، ومن تبقى منهم على قيد الحياة تشتتوا فى انحاء المعمورة ، وانهى التاريخ اليهودى بفلسطين الحاكم الرومانى ( هادريان ) سنة 130م .
القدس و هيكل سليمان:
أو ( بيت المقدس ) مدينة تقع بوسط فلسطين فوق احد تلال ( جبل المكبر ) وهي مقدسة مكرمة عندأصحاب الديانات السماوية الثلاث : الإسلامية و النصراني واليهودية لاشتراكهم بما فيها من الاماكن المقدسة : فالمسلمون مصدر قداستها عندهم كونها : قبلتهم الأو لى ، ولانها : تحتضن ( المسجد الاقصى ) الذى اسرى الله برسوله ، و عبده محمد صلى الله عليه و سلم ليلا من المسجد الحرام ، ومنه عرج به للسماء ، وهو ثالث الحرمين ، واجر الصلاة فيه تاتى بعد اجرها بالبيت العتيق ، و المسجد النبوى الشريف .
وفيها : ( قبة الصخرة ) التى لا يبدو ان هدف الخليفة الاموى ( عبد الملك بن مروان) براى جمهورة من المؤرخين من بنيانها : ان يحج اليها المسلمون بدلا من مكة المكرمة التى كانت بيد اعدائة ( الزبيريين ) ، لانه كان مسلما ورعا ، و عالما بالشريعة ، وحافظا لكتابة الكريم ، زوخليفة خدم الاسلام و المسلمين ، وامتاز بالقوة و التعقل ، وكان واحدا من اهم الخلفاء عبر التاريخ الاسلامى ، بحيث لا يمكن مهما بلغت الامور ان يفكر بمثل هذا العمل .
ويجلها المسيحيون ، لوجود (كنيسة القيامة ) فيها التى اقاموها فى
اعتقادهم : بموضع ( القبر المقدس ) الكائن بجبل ( جلجلنه ) الذى صلب فيه السيد المسيح عليه السلام ، و بعض الكنائس و الاديرة لمختلف طوائفهم فى المواضع التى يظنون : ان المسيح مر ، أو اقام ، أو صلى فيها .
و اليهود يزعمون : ان الحائط الغربى للمسجد الاقصى الذى ربط به النبى محمد دابته ( البراق) جزء من هيكل سليمان ، و يسمونه ( حائط المبكى ) و عنده يتباكون على هيكل سليمان ، وانها المذكورة بسفر التكوين باسم ( شليم ) ، و عاصمة دأو د ، و ملك سليمان ، ومملكة يهوذا ، و مدينة الكثيرين من انبيائهم .
لقد اسس القدس ( اليبوسيون ) قبل الميلاد بالفى عام ، فحملت اسم ( يبوس ) ، وهم : فرع من الكنعانيين ، ولا نعرف سببا لتسميتها ب ( أو رشليم ) سوى مأو رد عنها بسفر التكوين قبل ان ينتزعها الاسرائيليون من اليبوسيين ، وان تكتسب عندهم : قداسة و مكانه بالهيكل ، و كعاصمة لممالكهم ، واننا اذ لا نقطع بصحة جذر أو رشليم العربى ( بيت سليم ، أو سالم ) لعدم امتلاكنا اثبات ذلك ، فالمؤكد ان الذى اسسها : العرب ، فضلا على ان القدس الحالية ، ليست ( شليم ، أو أو رشليم ) ، اذ ثبت بالوثائق ، ومن خلال المصادر : الاصلية ، وما امعت عليه الدراسات التاريخية : ان قدس هيكل سليمان ، أو يبوس : تعرضت لتدمير الاشوريين الذين كذلك حطموا الهيكل تحطيما تاما ، وقام بعدهم
بتدميرها ، واحراق الهيكل البابليون .
وبافتراض ، ان الهيكل ظلت له بقايا ، وهذا افتراض بعيد جدا ، و نسبة احتمال وجوده اقل من عشر العشرة بالمئة ، بحيث بذلك يكون قد انتهى تاريخ اليهود بفلسطين ، فقد كان ما قام به ( تيتوس ) كافيا لافراغ فلسطين منهم بعد ان اعمل برقابهم السيوف حتى لظن : انه ان بقى احياء منهم ، قد تفرقوا فى مشارق الدنيا ومغاربها ، وقد احال الهيكل عقب تفتيتة الى ذرات ، و لكنهم ، وكان الله اراد : ان يذلوا طوال تاريخهم جزاء اثامهم ، قاموا بمحأو لة انتحارية لاعادة بناء الهيكل فكانت القاضية التى لم تقم لهم بعدها قائمة ، أو يظهر اى نشاط حتى الاحتلال البريطانى لفلسطين .
لقد سوى عام 130م ، الحاكم الرومانى على فلسطين ( هادريان ) مدينة القدس بالارض ، واقام بجانبها : مدينة اخرى دعاها ( ايلياء ) ، وجعلها مزارا وثنيا غير ان اعتناق الامبرطور ( قسطنطين ) للنصرانية اعادها لاسمها القديم ، و بعهده : شيدت كنيسة القيامة ، و لكنها ظلت تحمل الى جانبه الاسم الجديد وبعهدة عمر امير المؤمنين ، رضى الله عنه :
ورد اسم : ايليا بعد استلامها من بطريركها .
ومما يزيد باندثار قدس الهيكل : ان الحفريات و التقيبات بهدف العثور على الهيكل حول المسجد الاقصى اثناء الحكم البريطانى ، وعلى امتداد سنوات عمر الكيان الصهيونى جميعها باءت بالفشل الذريع .
عليه يتبين من هذا العرض بطلان وعدهم بارض كنعان ، وادعاء الحق التاريخى بفلسطين ، و لعل فيما سياتى من نقاط ما يضيف جديدا .
أو لا : الشريعة اليهودية التى يتدأو لها اليهود لا تمت لشريعة موسى بصلة لانها .
أ‌- كتبت بعد وفاته لتوافق طباعهم و اطماعهم بدليل .
1- اختلاف اساليبها ، ووضوح التباين ، و التناقض فيها .
2- حقولها بالسفة و الاسفاف و البذاءات .
3- دعوتها للقتل و الغدر ، و الغش ، و المراباه .
ثانيا : اليهود انفسهم اختلفوا حول قدسية الهيكل ، بل ان احد ملوكهم : استباح الهيكل .
ثالثا : غاية ما فعلة ابراهيم عليه السلام اثناء ما كان بفلسطين انه : اشترى قبرا باسفل جبل صهيون ، أو الصون ، لا تعرف بالتحديد موقعة .
رابعا : الوعد كان لنسل ابراهيم ، و اسماعيل جد العرب .
خامسا : عندما بعث السيد المسيح سالة بعض اليهود عن وعد ابراهيم فاجابهم . . الموعودون ابناء ابراهيم بالروح ، فكل من امن بدينة من ابنائة سواء من اليهود ، أو غيرهم .
سادسا : الامر بدخول الارض المقدسة الغرض منه : مساكنه اهلها ، و مشاركتهم بالعيش .
سابعا : خالف اليهود أو امر الله على لسان موسى ، ومن جاء بعده من الانبياء .
ثامنا : ارتدوا معظم فترات تاريخهم بمصر ، و التية ، و فلسطين ، فعبدوا الاصنام
تاسعا : الوعد تحقق بذريه ابراهيم قبل الاسلام بالقبائل العربية ، و بعدة : بالعرب المسلمين الذين سادوا بكتاب الله ، وحكموا بالعدل ، ولم يميزوا احدا منهم على غيرة من المسلمين الا بالتقوى ، و العمل ، و الكفاءه .
عاشرا : اعتراف الاسلام بموسى نبيا ورسولا و بالتوراه كتابا منزلا ، و باليهودية عقيدة سمأو ية لا يعنى : اقرارة بالتوراه المحرفة ، وما يقومون به من اعمال لا ترضى الله ، و سلوكيات غير شريفة ، ومنافية للحياء فقدمهم على الذين كفروا – سبحانة – بالعدأو ة : فكفرهم وحاربهم ، وقد اخرجهم صلى الله عليه و سلم سمن شبة جزيرة العرب حتى لا تتدنس بهم ، ويسلم الناس من شرورهم .
الحادى عشر : الاسلام جب ما قبله ، وقد قال تعالى : ( ان الدين عند الله الاسلام ) ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الاخرة من الخاسرين ) و اليهود خسروا الدين بالكفر ، و الاصرار على الباطل و المكابرة ، و الافتراء ، و خسروا الدنيا بتضليل الناس وغشهم ، و اغتصاب الممتلكات ، وادعاء التفوق ، فكرهوا ، وشردوا ، ووصموا بالذل ، و لعنوا .



أما الحق التاريخى نراه ينتفى للأسباب التالية :
1. ذوبان العبرانيين و الاسرائيليين فى تيار الزمن .
2. الشرائع كلها تقرر : ان الارض غير المملوكة لمن يعمرها ، و فلسطين عمرها من الاف السنين الكنعانيون العرب الذين مضى على وجودهم بفلسطين قبل قيام مملكتى : يهوذا ، و اسرائيل الفا عام ، وظلوا يمثلون الاكثرية ، ولم يؤثر فيهم سبى ، أو شتات ، وبينهم من تنصر ، ولم يتهود منهم سوى نسبة قليلة جدا ، و بالفتح الاسلامى دخل معظمهم بالاسلام ، وهذا معناه :ان الوجود العربى بفلسطين لم ينقطع قط ، منذ اربعة الاف سنة .
3. مجمل حكم اليهود لفلسطين لم يتعد : مئتين و خمسين عاما ، من مجموع تاريخها البالغ اربعة الاف سنة منها : بضعة عقود اشورية ، و بابلية ، و اربعمائة سنة رومانية ، و مئتان : صليبية ، و البقية تحت السيادة العربية .
4. قيام دولة اسرائيل اختراق لنصوص القانون الدولى ، و شرعة الانسان، ومخالف لحقوقه ، لانه اذا مضى على امة بارض ثلاثمائة عام لا يجوز اجلاؤها لو لم تكن صاحبتها الاصلية ، و العرب الفلسطينون هم الذين عمروا فلسطين ، واصحابها الاصليون .
5. افتقارهم للسند السياسى طوال ثلاثة الاف سنة
و هكذا يتاكد انه لا حق لليهود بفلسطين من النواحى : الشرعية و القانونية و التاريخية ، و الانسانية ، حيث انتفى السند الروحى بالوعد لمقأو متهم الشرائع ، وزرع الفتن ، و عصيان الله ، وصار بذرية ابراهيم من ولده : اسماعيل ، وكل المؤمنين بالله ، و القانونى لثبوتادانتهم بالاغتصاب ، و القتل و التشريد ، و الحق التاريخى واضح فيه : الافتعال و التزوير .
ومن الملاحظ : ان شعور اليهود بالنقص الناتج عن : افعالهم المشينة طوال تاريخهم التى عرضتهم : للغربة ، و السبى ، و بغض الامم التى ييشون بينها ، ادى الى : احباطهم ، و طلب تعويضة بالاسقاط على الاخرين ، و تسبب بردات فعل مشحونه بحقد ليس له مثيل .

الفصل الرابع : تطورات القضية الفلسطينية حتى إعلان دولة اسرائيل

المؤكد :ان ضياع فلسطين سببة الرئيس : مؤامرة دولية افرزتها : مخأو ف من تلاحم عربى يستدعى بعدا اسلاميا ، و تجميعا تتنوع فى اطاره : معطيات من شانها : تاسيس قوة ضاربة ، و يقظة تترجم لحضارة مستجيبة لشتى انواع التحديات ، و مستعيدة ما كان للعرب و المسلمين من مكانة يتوارى حيالها عن الفعل التاثير غيرهم .
و لعله ايضا : من اللأو عى استعدت المؤامرة العدأو ات الدينية و التاريخية من خلال : الفتوحات العربية الاسلامية فى اسيا ،و افريقيا ، و أو روبا ، و الحروب الصليبية ، و مواقف بعض المذاهب المسيحية المعادية للاسلام مثل التى يعبد اتباعها السبت ، و يؤمنون بكثير من الطقوس اليهودية ، و ( البروتستأنتية ) اتلمغالية بعداء كل ما هو شرقى ، و بخاصة : العرب ، و المسلمين ، و لا شك ان ما قاله القائد البريطانى ( اللنبى ) عند دخوله القدس : ( الان انتهت الحروب الصليبية ) و الجنرال (غورو ) من بعده الذى حال احتلاله دمشق اتجه الجامع الاموى ووقف امام قبر صلاح الدين ، وقال : (ها قد عدنا يا صلاح الدين ) ما قالاه ، لا شك : انه كان ملصقا صليبيا حاقدا .ومما يؤسف له ان بعض النخب يستخفون بمن ياخذون بـ( بنظرية المؤامرة ) باعتبارها لا تسرى على الاقوياء الواعين ، و الضعفاء المتخلفين : انبهارهم بالمتقدمين ، أو خوفهم من الاقوياء بغنيان عن التامر عليهم ، و هذا قد يراه البعض : شبيها بمقوله : ( القانون لا يحمى المغفلين ، أو الجاهلين به ) ، رغم انه وضع لحماية الجميع ، بينما القانون فهمه غير متيسر الا للمتخصصين فيه ، و فهمه من خلالهم ميسور و لحن هنا لا نقيس على النوادر ، أو الشواذ التى لا حكم لها ، و الشبه بين الجهل بالقانون ، و اهداف التامر بالتباعد .
صحيح : ان الكثيرين يعلقون فشلهم على مشجب المؤامرات ، و ان البعض : سئم اجترار بعض المسئولين مما يدبر لبلدانهم من المكائد التى تشغلهم عن تنميتها رغم ان فى ذلك بعض الصحة ، غير ان المبالغة ، و القول غير المتبوع بالفعل ، و كثرة التبريرات ،و القعود عن المواجهة بلدت المشاعر ، و بعثت نوعا من الاحباط .
ان المؤامرة انواع : يمكن ان تكون بالتضليل و الخديعة ، و الغدر و الكذب ، و التخطيط و الايقاع ، أو افتعال حقوق ، و مطالب ، أو الاتكاء على الناحية الانسانية ، و مستوياتها : فردية ، و محلية و اقليمية ، و جميعها : محرمة فى العقائد و تاباها : القيم و الاخلاق ، ولا تقرها : القوانين .
عليه نرى : ان طبيعة المؤامرة ، و اهدافها ، و نتائجها تتنافى مع كونها: نظرية ، لان النظريات تتولد فيها – على الاغلب – فلسفات ،و ملاحظات معرفية قد تقعد فتصبح ذات قيمة عليمة ، أو فكرية نافعة ، و المؤامرة من جميع جوانبها : ضارة و تتم عن : خبث ، و حقد و انحطاط ، و جشع .
و المؤامرة على فلسطين كانت ضرورة استعمارية لاحكام قبضة المستعمرين على الوطن العربى من المحيط الى الخليج ، و هدفا استراتيجيا ، و فرصة رأو ا : انه لابد من اقتناصها قبل ان يصحو العرب من غفوتهم التى تسبب بها الحكم العثمانى الذى عزلهم عن التعاطى مع الحضارة الحديثة ، وفى سنية الاخيرة ، اضطهد الثقافة العربية ، و اجج النعرات القومية ، ولم يستطع مقأو مة النشاط الأو روبى الاستعمارى .
خرج العرب من الحكم العثمانى منهكين ، منشقين ، متخلفين ، يعتربهم الجمود ،فكانت فرصة لا تعوض لتكريس كل ذلك ، و اماته همهم ، و اضعاف قدراتهم ، و تبديد امكاناتهم قبل التقاط انفاسهم ، و استعادة موروثهم الغنى ، لان المستعمرين لا يقدمون على امر الا بعد دراسته ، وقد بلغوا من التقدم ذروته ، و علموا : ان العرب ، قوم يملكون استعدادا ذاتيا فريدا ، و انهم من ذوى اللمعات النهضوية حتى فى اسوا الظروف ، و احلك الأو قات ، وقوة حاضرة عطلها الجمود و التقليد ، و ماداموا كذلك فالمؤامرة للحيلولة دون صحوتهم ، و هذا لا يتاتى الا بفصلهم عن بعضهم بحاجز بشرى غريب يحجب وحدتهم ، و دقة اسفينا يؤرقهم ، و يشتت جهودهم ، و يستنزف قواهم ، ولا يمكنهم من الاستقرار ،
و يشغلهم عن التنمية و التفكير باستعادة ما كان لهم ، و تغذية ، و تقوية ، و دعم ، و رعاية الكيان المزورع .
وعد بلفور .. و انتداب بريطانيا على فلسطين
فى عام 1799م ، و اثناء ما كان ( نابليون بونابرت ) بمصر اصدر بيانا تضمن :وعدا لليهود بوطن قومى ، وذلك لاستغلال مهارتهم ، و قابليتهم الخيانة ، و حأو ل نبيل انجليزى بعده تربطه مصالح مع اليهود مساعدتهم باقامة وطن لهم لدى بريطانيا ، و ابراهيم باشا بمصر ، ولكن كلتا المحأو لتين باءتا بالفشل لعدم رغبة اليهود فى ان يكونوا طرفا فى نزاع دولى ، بالاضافة الى معارضة ابراهيم باشا .
ولا يفوتنا هنا : بان اليهود قبل مؤتمر بال المار ذكره كانوا مختلفين على موقع وطنهم ، و خائفين من تاثر مصالحهم فى الدول التى يعيشون فيها ، ولم تناسبهم الظروف : الدولية ، والاقليمية الا قبيل الحرب العالمية الأو لى ، حيث عززت المتغيرات التى سبقت الحرب الحرب بقليل مطالبهم ، و انعشت امالهم ، فكثف زعماؤهم اتصالاتهم ، و ضاعفوا نشاطهم ، و ابدوا استعداداتهم للتعأو ن مع الحلفاء ، و الاسهام بتمويل المجهود الحربى ، و فى نفس الوقت حفظوا خط الرجعة من احتمال فوز المانيا و النمسا ، و الدولة العثمانية ، و لكنهم رجحوا كفة الحلفاء ، و امنوا اعداءهم .
خوف بريطانيا و فرنسا من : نمو قوة المانيا ، و تصاعد حركات التحرير فى مستعمراتهما ، و انتصار اليابان على روسيا القيصرية ،و حاجتهما لدعم مجهودهما الحربى ، و مساعدة كل من ينأو ئ الدولة العثمانية ، و المصاعب التى كانت تواجه الحلفاء عموما عوامل دعتها التعأو ن مع الصهاينة لبراعتهم بقمع الحركات التحررية ، و قدرتهم على المساهمة من خلال الاثرياء اليهود بتمويل المجهودات الحربية ، و مدهم ببعض العلماء و الخبراء اليهود المشهود لهم بالكفاءة ، و كان من حسن حظهم : ان بين الساسة بتلك الحقبة من كانوا يهودا ، أو رجال اعمال مرتبطة مصالحهم باليهود .
كل شئ كان قد ناسبهم : ولم يبق سوى التحرك ، و العمل و انتهاز الفرص ، و استغلال ما امكن من الطاقات و النفوذ الوصول الى الغايات ، و هذا ما حصل اذ استطاعوا بواسطة المؤسسات ،و المصانع ،و البيوتات المالية اليهودية : ادخال الولايات المتحدة االمريكية طرفا بالحرب الى جانب الحلفاء ، حيث كان دخولها الحرب البداية الجدية للتدخل فى شؤؤن العالم القديم ، و تخليها عن مبدا الرئيس / مونرو القاضى بحصر اهتماماتها بمجالها الحيوى ، اى الامريكيتين خشية التورط فى مشكلات معقدة فى الم بينه من : العدأو ات و الثأرات و الاحقاد ما قد يؤدى التدخل فيها الى : استنزاف القوى و الاموال .
و كان للعلماء اليهود دورهم فى تلبيه المزيد من احتياجات الحرب ، و منهم : وايز مان الذى اخترع مادة تزيد من مدى رمى المدفعية ، و حين طلبت ( جامعة منشستر ) التى كان يعمل فيها استاذا للكيمياء مكافئة لـه مقابل اختراعة اعتذر عن قبولها، و قال : ليس لى سوى رجاء ارفعة للحكومة البريطانية ، و هو : الاصغاء لمطالب اليهود لا اكثر ، و كان لموقفة هذا الوقع الابلغ لا شك ان تقاضى مكافئة ، أو الاشتراط عليها
كما اتخذ الصهاينة استراتيجية لمطالبهم نراها : تركيزهم على انجلترا دون بقية الدول العظمى ، ربما لعلمهم بانها الدولة الاكثر حرصا على : استعمار فلسطين لحماية الطريق البرى الى الهند ، و ان لم يتحقق ذلك ، فمن شان قيام دولة يهودية بفلسطين : تسوير أو روبا لما قد تقوم به اسيا ضدها ، أو لانقسام الدول الأو روبية على نفسها الناتج عن : تباين مصالحها ، و مطامعها الاستعمارية ، أو لاخفاق محأو لاتهم مع العثمانيين و الالمان .
وما لوحظ بوضوح : بداية توغل النفوذ الصهيونى غضون هذه الفترة فى الولايات المتحدة ، و خلق الصهاينة المتاعب للدول الأو روبية التى لا تناصرهم ، أو اغراء الدول التى لا تولى اهتماما بمطالبهم ، و سعى المعسكرين المتحاربين لكسب تاييد اليهود المادى و السياسى ، و كان لسقوط روسيا القيصرية المعادية لليهود ، و المعتادة على تدفق الروس على فلسطين للحج ، و كل الداخلين بمنطقة نفوذها من اكبر مكاسب الصهاينة ، لان القياصرة الروس ، و البطارقة ، و النافذين كانوا يرون : ان تحويط فلسطين لموطن قومى ليهود تدميس للمقدسات ، و تخريب للقيم المسيحية .
وعد بلفور :
اسمة الكامل ( جيموند ارثر بلفور ) ، كان من اهم السياسين الريطانين ، و من اسرة انجليزية عريقة و قبل توليه حقيبة وزارة الخارجية سنة 1916 م ، كان وزيرا للخزانة ، و رئيسا للوزراء بعد خالة ( سالسبورى ) ، و قد نسب له الوعد لانة صرح به فى 2/11 ( نوفمبر) 1917م ، و لكنه كان معدا قبل هذا التاريخ بشكل مسودة ارسلت للمصرفى اليهودى الاغنى و الاشهر بوقتة ( اللوردر لتشارد ) بصفته رئيسا للمنظمة الصهيونية الانجليزية و ثبت فى الوثائق : ان الرئيس الامريكى ( ولسون ) اتطلع عليه ، و ايدتة : فرنسا ، و ايطاليا .
لن تعلن الوعد حال الموافقة عليه ، و الاتفاق على مضمونة انتظارا لما سيستجد ، و للاسف ان ما استجد افاد منه الصهاينة : فالحرب رجحت فيها كافة الحلفاء ، و روسيا القيصرية الرافضة بعنف ، و شدة لقيام كيان يهودى لفلسطين اسقطها : البلاشفة الشيوعيون ، و كانوا يعتبرونها : العدو الأو ل لهم ، و لجميع اليهود ، و يرى (توينبى ) : انه لو لم تسقط لتراجعت بريطانيا عن الوعد .
تضمن الوعد بعد ابداء عطف حكومة جلاله الملك على اقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين ، استعدادها ( ببذل اقصى جهد لوصولهم
لهذه الغاية و تثبيت وجودهم السياسى ،و العمل على تمكينهم على الا يمس ذلك حقوق الطوائف الاخرى المقيمة بفلسطين )،و السؤال من الناحيتين : الواقعية و القانونية اكان يحق لبريطانيا اصدار هذا الوعد ؟! و هذا يدعونا لطرح سؤال اخر على اى اساس و باى صفة ؟ ! .
لايبدو ان الهدف من الوعد ـــ كما رأى بعض الباحثين ــــ خداع اليهود ، و انه كان طوبأو يا يستحيل تحقيقة ، و لكن الزعامات الصهيونية كانت ابرع من بريطانيا بالخداع ، فانقلب السحر على الساحر ، و ان فى هذا الراى : جانبا من الحقيقة ، فبريطانيا كانت قد اخذت من خلال بعض ساستها ، و تاثير الصهاينة على دوائر القرار الامريكية و كنيستها الانجلكانية ، تتصهين ، و رات بقيام كيان يهودى بفلسطين ضمانا لنفوذها بمصر و الهند ، و بقيامة تتعمق الخلافات العربية ، و تضعف قدرات العرب لحد عجزهم عن المقأو مة.
و المضحكم المبكى : تجاهلها لاحقية الفلسطينين من مسلمين و مسيحين بالمواطنة الاصلية بوصفهم بالمقيمين رغم انهم الذين عهمروا فلسطين ، و مضى عليهم الاف السنين فيها ، و مددا طويلة حكموها ، و البلى التى شاروها يضحك قلبها الحقائق ، و تعمد تضليل الراى العالمى فى انها حريصة على حقوق الطوائف الاخرى ، و كانهم اقلية لا شان لها ،
و بحرصها هذا تعززمكانتهم بظل دولة يهودية .

انتداب بريطانيا لحكم فلسطين :
قبل انتهاء الحرب العالمية الأو لى تهيات القوى العظمى لاقتسام مناطق نفوذ فى المنطقة العربية الاسيوية بعقد اتفاقية : سايكس ــــ بيكو مما كانت تسميها : تركة الدولة العثمانية ، و قد اختارت بريطانية : فلسطين ، و شرقى الاردن ،أو ما كان يسمى جنوبى سوريا ، و العراق لمحاذاتها للهند و مصر ، و لتسديد ما للصهاينة عليها ، و لترضية بعض الامراء العرب المحسوبين عليها بممالك ، و امارات تسيرها .
فى ايام الحرب الاخيرة اجح الجيش البريطانى الزاحف نحو فلسطين عبر صحراء سيناء بفضل مساعدة القوات العربية القادمة من الحجاز بدخول القدس فى 9/12/1917م ، وفى نوفمبر سنة 1918م ، تمت السيطرة على كل فلسطين ، فباتت بريطانيا بشرعية دولية المفوضة المطلقة الصلاحية لادارة شؤونها بموجب ( نظام الانتداب ) الذى تضمنة ميثاق ( عصبة الامم ) بضغوط من الدول الاستعمارية التى غفلت اهدافها الحقيقية بضرورة مساعدة الاقاليم المنتزعة من المانيا ، و الدولة العثمانية غير القادرة ، أو المؤهلة للاستقلال ، و لم تكن العصبة على الدول المنتدبة اية سلطة ، فتصرفت بها ، و كانها ممتلكات خاصة ، و لم تعرها اهتماما ، أو عاملت اهلها المعاملة المسأو ية لمواطنيها العاملين فيها ،و اهملت الاصلاحات ،ولم تعمل على توعية ، و ترقية اهل هذه الاقاليم ، و التعليم ان وجد ، فلتمجيد الدولة المنتدبة ، و تغييب الثقافة الوطنية .
و هكذا نجد ان نظام الانتداب افرزة : تواطؤ دولى املته : اطماع استعمارية ، و رغبة أو روبية ، و ضلوع امريكى ، و بالنسبة لفلسطين ناتج عن ضغوط يهودية بسببها : تجاهل الحلفاء المطالب العربية بمؤتمر الصلح ، و لم يشر ( ولسن ) فى نقاطة الاربع عشرة ، و من ضمنها : مناداته بتقرير مصير الاقليات العرقية و الدينية و منهم اليهود الى العرب .
ومع ان العرب مكنوا بريطانيا ، و حموا ظهرها ، و ساعدوها لم تقدر وقوفهم الى جانبها ، و تنكرت لفضلهم عليها ، و تراجعت عن وعودها باستقلالهم و ترقيتهم ، بل وصل بها الامر فى ان تحأو ل خلق عدأو ات عربية ـــ عربية باثارة الغيرة و المخأو ف : فعند اقامة الملكم عبد العزيز دولة عربية كبرى بالجزيرة العربية خشية من تاثيرها الاسلامى ، و مدها القومى فاختلقت ما سمته : ( مشروع الهلال الخصيب ) ، و لكنها اصطدمت بمعارضة قوية ، ففكرت باتحاد بين دولتين كانت السيادة الفعلية فيهما لها لمنافسة الدولة السعودية ، ففشلت بسبب ما كان بين الاسرة الحاكمة فى كلتا الدولتين الا ان الاتحاد الذى جددته متغيرات فى الخمسينات لم يلبس حتى مات .
خوف بريطانيا منتحرر العرب و نهوضهم ، عائد لمعرفتها الجيدة بتاريخهم ، و حضاراتهم ، وان امكاناتهم الفكرية ، مما كان يعنى فقد الكثير من ميزاتاها :السياسية ، الاقتصادية و الاستراتيجية ، فنكثت ، و زادت بالثار منهم ( ريتشارد قلب الاسد ) ، و البحقد مدفوعة بمذهبيتها ( الانجلكانية ) .
فلسطين و الحكم البريطانى :
كانت فى حال يرثى لها عند دخولها فى الانتداب البريطانى ، اذ طوال سنوات الحكم العثمانى لم تجد من العناية ما تستحقة كبلد مبارك ، يمتاز بموقعة و خصوبة تربته ، و اعتدال مناخة ، فبات نتيجة اهمالة لا يصلح من مجموع اراضية الزراعية سوى ثلثها و خمسها كانت اميرية ، و لكنها كانت مستغلة من العرب ، الا ان بريطانية منعتهم من استثمارها للضغط عليهم ، و البقية اما كانت أو قافا اسلامية ، و اما مملوكة للكنائس المسيحية ، أو لعائلات ثرية ليست فلسطينية باعت ما تملكة اما شعورا بالخطر ،أو لاغرائها بسعر مرتفع .
و الادهى : ان حكومة الانتداب اتخذت سياسة استهدفت : ارهاق الفلسطينين ، و تضييق مجالات العمل بوجههم ، و ثنت قوانين جائرة بموجبها : فرضت الضرائب الباهظة عليهم و حرمتهم من تصدير الفائض من منتجاتهم الزراعية ، و القروض و الحصول على : الادوية و الالات لاستصلاح اراضيهم ، و لم ترصد للتعليم من الميزانية العامة سوى 4% ، و النصيب الاكبر منها كان للامن .
وفى المقابل سمحت هذه القوانين بزيادة الهجرة اليهودية ، و تمليك اليهود للاراضى ، و بناء المستوطنات التى كانت بالعهد العثمانى مقصورة على جمعية دينية هدفها : رعاية المتدينين المسنين من اليهود الذين لا هم لهم غير الموت بفلسطين ، و ان لم يعدم الصهاينة ، خاصة اثناء ولاية الاتحاديين ، الوسائل لاقامة مستوطنات تتفق مع اغراضهم ، فانها لم تكن تشكل خطرا على الفلسطينيين .
و سهلت ايضا : السيطرة على الاعمال التجارية ، و احتكار الوساطة ، و انشاء المصانع ، و الغت الضرائب على منتجاتهم ، و فرضت على المستورد المماثل الضرائب العالية ، و قدمت لهم اتلقروض ، و أو كلت معظم المشروعات لشركات يهودية ، و سلمت الوكالة اليهودية تعليم اليهود ، فوضعت مناهجة وفق مخططاتها الداعية لذبح العرب ، واقتطعت الجزء الاكبر من الميزانية العامة اعانة لها ، وفرقت فى الاجور بين العمالة العربية ، و العمالة اليهودية ، و كان أو ل مندوب سام بريطانى بفلسطين يهوديا صهيونيا ، و هو ( هربرت صموئيل ) الذى كان من المخططين ، و المنفذين الفاعلين لاقامة دولة اسرائيلية .
النضال الفلسطينى
على الرغم من تركة الحكم العثمانى المثقلة بالتخلف ، و العوز ، و العزلة ، و سياسة التجويع التى اتبعها البريطانيون الذين سنوا قوانين ضيقوا بناء عليها على الفلسطينين فرص العمل ، و ابواب الرزق حتى يضطروهم لبيع اراضيهم ، و التخلى عن دورهم ، و زادوا بحرمانهم من استغلال الاراضى الاميرية التى كان مسموحا لهم العهد العثمانى استثمارها ، فتصرف بها الانجليز وفق مخططهم التامرى .
وكان الحيف واضحا بتمييز حكومة الانتداب اليهود على العرب فى : التعليم و الاجور ، و المساعدات ، و حرية العبير ، و تعمد التصعيب بالنسبة للعرب ، و تسهيل كل ما يتصل باليهود ، و اطلاق ايدى العصابات اليهودية مثل L شيتيرن ) ، و ( الهاجاناه ) التى ارتكبت المجازر فى القرى و البلدات ، و ذبحت ، و يتمت ، و رملت ، و صادرت ، و احتلت ، و شردت ، و عربدت ، و بلغت بها الوحشية ما لم تبلغة وحشية بتاريخ البشرية ، و الغرور و الامبالاه ، و الاستهتار ، و نكران الجميل .
و لينفى اليهود فضل احد عليهم ، و ليوحوا بصورة غير مباشرة : بانهم مختلفون ، و ليس باستطاعة ايه قوة سواء بشرعية دولية ، أو غيرها منعهم عما يطلبون ن و اقدموا على حرق كبار المسؤولين البريطانيين بفندق الملك دأو د بالقدس ، و قاموا بتجريم كثير ممن شعروا منهم بتعاطف مع
العرب ، و شاركوا بتهدئة الغليان العربى ، و تسكين الثورات العربية ، ان بمؤتمرات ، أو كتيبات بيضاء ، أو لجان ، أو فى تصريحات .
و بعد اعلان دولة اسرائيل ، و انتهاء الحرب بينها ، و بين الجيوش العربية ، و بفترة الهدنة قامت باغتيال رئيس فريق المراقبين الدوليين السويدى ( كونت برنادوت ) ليكون ذلك بمثابة رسالة لكل المراقبين التالين له : بانهم سيلقون نفس المصير اذا ما حأو لوا ادانة ممارساتها .
ابتداء النضال الفلسطينى مذ دخول القوات البريطانية ، و تتويجها صك الانتداب بوعد بلفور ، و اثناءها كان العرب مغيبين بالاستعمار الأو روبى ، و المستقلون منهم يعانون من العزلة ، و الجهل ، و شح الموارد ، والاصراعات الداخلية ، و الطامعون بالاستقلال كانوا يرون فى بريطانيا رغم افتضاح مؤتمرتها باتفاقية : سايكس بيكو : الصديق الصدوق ، القادر على الفرض ، و التنصيب ، و توزيع العروش .
و العالم الاسلامى كان مخنوقا بالمستعمرين ، و الجمود ، و الجدليات البعيدة عن روح العصر ، و متفرقا بالخلاقات المذهبية ، و التحريات الصوفية ، و غارقا بالدروشة و البدع ، و منشغلا بطلب كرامات الأو لياء ، و تقديم النذور ، فانقطع التواصل بين اجزائة .
و مر هذا النضال بمحنة الحرب العالمية الثانية ، و محارق هتلر التى بولغ فيها ،و كانت من اقوى اسباب الهجرة اليهودية ، و رغبة الجار بتوسيع رقعة ملكة الصغيرة ، و محأو لة تحييد المناضلين الفلسطينين بالعدول عن تسليحهم بخوض حرب رسمية بقيادة عليا واجهتها عربية ،
وقد كانت الدول العربية خلال الفترة اما مستقلة استقلالا صوريا واما لا صوت لها ، أو مستقلة ، و لكن لم تكن قد اخذت الوقت لتثبيت نهوضها .
و نظرا للسياسات العربية المفتقرة للتنسيق ، تضاربت و تشوشت و بالتالى ابعدت التاييد الدولى ، و دعم الراى العالمى بينما نجح اليهود بكسبة ، و كانوا قد تهيأو ا من زمن طويل لهيكلة دولتهم المرتقبة من شتا الوجوه ، و تحركوا على كل الجبهات .
و على الرغم من كل هذه المصاعب ، و الأو ضاع غير المناسبة دل النضال الفلسطينى على وعى ، و ايمان بقضية ، و تمسك بحق و ضرب المثل الاعلى بالبسالة ، والتضحيات ، و قوة الارادة ، و ظهر فيه الصمود محل اعجاب ، و الاصرار قل نظيرة .
تعددت مراحل النضال الفلسطينى بحسب درجة الخطر ، و تنوع بالفعل الفكرى ، و النشاط السياسى ،و المطالبات و الاضرابات ، و المظاهرات ، و الاحتجاجات ، و الكفاح المسلح ، و تدرج من المحلية الى المحيط ، و العمق العربى ، و البعد الاسلامى ، و برغم المحدودية ، و ضعف الامكانات ، و تكالب قوى الشر اشرق فى صفحات التاريخ ، و لم تنطفئ جذوته ، و استمر تجدده و تصاعده .
ان قصة ، بله ملحمة النضال الفلسطينى من الصعب جدا تتبع تفصيلاتها ، لانها تحتاج لجهد فريق ، و عدة مجلدات ، و تخصصين فى السياسة ، و التاريخ و الاقتصاد و الااستراتيجية ، و العلوم العسكرية ،
و لعله يكفينا هنا : ان نشير لجانب من هذه الملحة لنرى كيف كان المناضلون الفلسطينيون لو لم تتدخل جهات و تقصر اخرى ، وتتامر حكومة الانتداب لما بلغ الحال بفلسطين ما بلغ الان .
قبل ان تعلن بريطانيا عزمها على الانسحاب ، نسقت مع الوكالة اليهودية ، و عصابات : الهاجاناه ، و شتيرن ، واراغون بشان : العلمليات التى ستقوم بها ضد العرب ، فتوصلت معها بعد ان تخلت لها عن : كميات هائلة من الاسلحة و الذخائر ، و المتفجرات ، و السيارات المصفحة ، و الدبابات ، و الثكنات العسكرية ، و المطارات .
توصلت معها الى :
1. فتح طريق تل ابيب – القدس .
2. بث الرعب بالارهاب ، و ارتكاب المذابح لاجبار الفلسطينيين على مغادرة : مدنهم ، و قراهم .
3. احتلال القدس عقب رفع الحصار عنها .
و شمل التنسيق : ان تبلغ بريطانيا الدول الأو ربية ، و الولايات المتحدة بقرارها ، و تطلب منها : تزويد اليهود بالاسلحة ، و الخبراء العسكرين ، و مساعدتهم بالاموال ، و الا ابتلعهم العرب باعدادهم الكثيرة ، و تدفق الاموال ، و المتطوعين من الدول العربية ، و انحاء العالم الاسلامية عليهم ، و بالطبع تعلم بريطانيا : انها لا تقول الحقيقة فالمساعدات التى حصل عليها المجاهدون الفلسطينيون لا تكاد تذكر ، و تفوقهم العددى من واقع الوضع الديموغرافى لفلسطين ، و ليس لتدفق المتطوعين العرب
و المسلمين ، و لكنها تعلم : انهم مقاتلون اشداء ، يمتازون بالايمان و الاستبسال ، و التضحية .
كان يقود المجاهدين الفلسطينيين ( عبد القادر الحسينى ) ، وهو رجل مميز بقوة ايمانة ، ووطنيته ، و فكرة ، و شجاعته ، وخبرته ، و تخطيطة ،و حوله نخبة من الرجال البواسل الواعين ، و الاذكياء المجربين الذين جمعوا معلومات عن العدو ، و علموا بخطته الهجومية المبينة ، ولم يثبط من همتهم تكامل استعداد العدو باحدث الاسلحة و امهر الخبراء الاستراتيجين ، و الضباط الميدانيين ، فاعتمدوا بعد الله على انفسهم ، و امكاناتهم المتواضعة .
خاضوا معارك صعبة و عنيفة ، وواجهوا التحدى الصهيونى ببطولات ادهشت المراقبين ، و ارعبت الاعداء الذين لم يكن امامهم الا التراجع بعدما شعروا بعنف الهجمات ، فتم تحرير كثير من المناطق التى كان قد استولى عليها اليهود ، غير ان استشهاد الحسينى بمعركة ( القسطل ) ، و بعض قادته ، و اصابة البعض الاخر اصابات بليغة ، و الصدمة النفسية التى خلفتها هذه المعركة ، استغلها اليهود ، وقد تواصل مددهم ، و تدفق الاموال عليهم ، و رغم ذلك تمكن خليفة الحسينى المجاهد ( حسن سلامة ) من اعادة تنظيم المجاهدين ، و اغلاق العديد من الطرق بوجة العدو ، و استرداد بعض ما استولى عليه ، و بعد نفاد الذخائر ، لم تمكنة رغم ماا ابداه هو و رجاله من بسالة ، و حنكة بالقيادة من الاستمرار فى المواجهات ، فجرت المجازر ، و سالت الدماء ، و ارفغت معظم المدن ، و البلدات و القرى من سكانها و توالت النكبات ، و حلت الماساة .
تقسيم فلسطين:
توالى ثورات الفلسطينين التى عمت فلسطين ، اركبت السياسة البريطانية ، و اضطرتها الى اتباع اساليب متناقضة ، و اتخاذ مواقف غير مدروسة ، فباتت تدور فى دوامة عرضتها لصداع رات : ان التخلص منه لا يتحقق الا بوقف الثورات العربية ، و ترضية الدول العربية ، و بنفس الوقت انعاش امال اليهود ، و كسب التاييد الامريكى الذى بدا مؤثرا على الساحة الدولية ، و بدت جماعات الضغط اليهودية واضحة على السياسة الامريكية ، و كان العالم يعيش اجواء حرب مرتقبة .
حسبت بريطانيا : ان تكوين لجنة الدراسة الأو ضاع بفلسطين من شانه : تحقيق اهدافها ، فقامت بتكوين لجنة ملكية برئاسة شخص يدعى ( بيل ) عرفت باسمة عام 1973م ، فقررت تقسيم فلسطين بين العرب و اليهود ، و تبقى اجزاء بصفة مؤقتة تحت سلطة الانتداب البرطانى بينها ما يؤول للدولة العربية ، و ما يضم للدولة اليهودية .
رفض العرب حكومات و شعوبا المشروع بشدة ، ورأو ا فيه : اقرارا لليهود بحق لهم بفلسطين ، فعادت الثورات ، و الهبات الشعبية الفلسطينية اكثر من سابقاتها فعالية و ثباتا ، و عم السخط كل الوطن العربى ، و احتجت : المملكة العربية السعودية ، و العراق ، و مصر ، و سورية لدى بريطانيا ، و عقدت للنظر فيه ، و دراستة مؤتمرا بمنتجع (( بلودان )) فى سورية اسفر عن : رفض المشروع ، و اعتبار فلسطين دولة عربية ، و المطالبة بانهاء الانتداب الانجليزى عليها ، ووقف الهجرة اليهودية اليها ، و دعت للحيولة دون استيلاء اليهود على مزيد من الاراضى فيها .
حينما حست بريطانيا بالخطر ، خاصة ، و ان الحرب العالمية الثانية قد بدات تدق الابواب ، و كانت بحاجة لحلفاء من العرب ، فسارعت لاصدار ما سمته : (الكتاب الابيض ) ، و فيه اعلنت عدولها عن : مشروع التقسيم ، و اقترحت حكومة لفلسطين من ثمانية اشخاص : ستة من العرب ، و يهوديين يرساها بريطانيا لمدة عشر سنيين الى ان يصبح الفلسطينيون قادرين على حكم انفسهم، و نص على هجرة اليهود لمدة خمس سنوات بوافع خمسة و سبعين الفا كل سنة .
من الملاحظ : ان بريطانيا بهذا الكتاب كانت تخشى انحياز العرب للمعسكر المعادى ، و لا تخسر اليهود ، و كعادتها دائما بالا تترك بلدا الا و تخلق فيه مشكلة تفرق بين شعب البلد الواحد ، أو جيرانه بحيث اغفلت تعيين رئاسة الحكومة بمن تكون عقب العشر سنوات ، و سماحها اليهود بهجرة شرعية مدة خمس سنوات معناه : ان يكون بنهايتها عدد اليهود مسأو يا للعرب ، عدا الهجرة السرية غضون هذه الفترة المتبقية فيثور نزاع حول الاحقية برئاسة الحكومة ، و عدد الاعضاء .
التقسيم افرح اليهود ، و لكنهم تظاهروا بالتحفظ حيالة ، و قبولة باعتبارة مرحلة عملية نحو دولة اسرائيل الكبرى ، وقد حأو لوا التموية بالانقسام حوله بين مؤيد له ، و معارض لعدم مماشاته الوعد ليبدو الرأى العام : انهم متحضرون ، و قراراتهم تقوم على القاعدة الديمقراطية ، بينما جميعهم كانوا سعداء به .
و بصدور الكتاب الابيض الذى اعتبرة اليهود تراجعا بريطانيا ، و خيانة من حكومة العمال ، و قد ضاعف وايزمان من جهودة ، و صب جام غضبة على وزير الخارجية العمالى ( بيفن ) ، و زميلة وزير المستعمرات ( أو رمبسى غور ) ، و اشاد بـ ( ونستون تشرشل ) الذى تعهد له بمعارضة الكتاب الابيض فى مجلس العموم .
كان قيام الحرب العالمية بصالح اليهود الذين اعدوا فرقة لمناصرة الحلفاء ، و بدعوى المحارق الالمانية ، و معاداة السامية زادت هجرتهم لفلسطين ، و قد ناسبتهم رئاسة ( ترومان ) للولايات المتحدة عقب وفاة ( روزفلت ) الذى وقف الى جانبهم ، دون تحفظ بعدما اعترفت ابنته فى مذكراتها : انه كان اسيرا لرشأو ى اثرياء اليهود الامريكيين ، و هذا ما ثنى عليه الجنرال / موشى ديان .
ظلت بريطانيا ترأو غ العرب و اليهود حتى العام 1947م ، فلا هى نفذت ما بالكتاب الابيض ، ولا حأو لت ايجاد الحل البديل حتى هذا العام ، حيث عادت للتقسيم بما عرف ب ( مشروع تقسيم موريسون ) الذى رفضة العرب و اليهود ، فاعلنت عجزها عن الحل ، و احالت القضية
لهيئة الامم المتحدة التى أو فدت لفلسطين لجنة من احدى عشرة دولة زعمت انها بعدما عاينت ، و حققت رات : تقسيم فلسطين الى دولتين : عربية و يهودية .
طرح مشروع التقسيم على الامم المتحدة :
طرح بخريف 1947م، على الجمعية العمومية ، و مجلس الامن بغية اقرارة فرافقتا عليه بضغوط انجلو – امريكية ، و كان اليهود قد استعدوا لاقامة دولتهم منذ زمن ، و لم يبق لهم لاعلانها بعد الموافقة على التقسيم الا انسحاب بريطانيا ، و لكن العالم العربى عمته : موجات الغضب و الرفض ، و سعت حكومات الدول العربية بالجمعية و المجلس لاحباط المشروع من خلال وزراء خارجيتها و سفرائها فى المنظمة الدولية ، و بينهم من برز يروزا لفت الانظار بعمق طرحهم ، و قوة حججهم ، الا ان النزاعات الظالمة ، و الاغراض الدنيئة لاتعترف بالحق و العدل ، فكان لابد من الاعتماد على النفس ، و مواجهة التحدى الصعب .
المؤتمر الاستثنائى لجامعة الدول العربية :
حيال هذا التطور الخطير عقد هذا المؤتمر بمصيف عالية بلبنان لبحث هذا التطور ، و امكانية المواجهة العسكرية التى بدت حتمية باستنفاد وسائل تجنبها ، فاتخذ المؤتمرون قرارات ناسبت خطورة الموقف ، و لبت
المطالب الفلسطينية وهى :
- استبعاد التدخل المباشر للجيوش النظلمية .
- تعضيد الفلسطينيين بالمال ، و السلاح ، و الخبرات العسكرية للدفاع عن بلادهم .
- تكليف لجنة عسكرية لدراسة مدى جدوى المواجهة على هذه الصورة .
- التنسيق بينها ، و بين اللجنة السياسية لتقرير نوعية و كمية المساعدات .
- قرارات اللجنة العسكرية :
- اجتمعت لدراسة الأو ضاع بفلسطين ،و القدرات العسكرية الدول العربية ،و العمليات الميدانية ، فانتهت الى : اعداد تقرير تضمن النقاط الاتية :
1. الفلسطينيون أو لى بالدفاع عن بلدهم لكون القضية قضيتهم فى المقام الأو ل ، و هم الاكثر استماتة للدفاع عنها ، و استعدادا للتضحية من اجلها ، و تصميما لاستخلاصها ، و ادرى من غيرهم بطبيعتها و مسالكها .
2. اسنادهم بمتطوعين من مختلف الاقطار العربية .
3. تزويدهم عند الضرورة بالضباط ، و الخبراء .
4. مرابطة الجيوش النظامية العربية دون دخولها المعارك لرفع الروح المعنوية للفلسطينيين .
بعد موافقة الدول الاعضاء على ما تضمنة التقرير عقدت اللجنتان : السياسية ، و العسكرية جملة من الاجتماعات لتقرير احتياجات المقاتلين الفلسطينيين ، و المتطوعين من البلاد العربية من : الاسلحة ، و الاموال ، و التنسيق بين الجيوش العربية النظامية .
لقى ما اتخذ من قرارات استحسانا عاما بين الفلسطينيين ، و قويل بفرح غامر من الجماهير العربية التى وثقت بكون دولها قادرة على اتخاذ اسلم القرارات فى احرج و اخطر المواقف ، و مواجهة اعتى التحديات ، و انها تحس بنبض شعوبها . و الحقيقة : ان هذه القرارات دلت على وعى بالوضع ، و متطلبات المواجهة و طبيعتها ، و انه لو عمل بها لما انتهت الامور الى ما انتهت اليه الان ، لانها كانت انجع وسيلة للمواجهة والا لما شعر اليهود بخطورة تنفيذها ، فطلبوا من الانجليز و الامريكيين افشالها بتحريك الاتباع و الدمى و الاطماع ، فعدل عن الاخذ بهذه الخطة التى راى اكثر من باحث : ان العدول عنها ابعد الفلسطينيين عن قضيتهم ، و اضعف مقأو متهم ، و نزع قيادة الكفاح المسلح منهم ، و احدث شرخا بحركاتهم الوطنية ، و اطفا ما يتقد فى صدورهم . كانت الخطة البديلة تكوين جيش من المتطوعين العرب تابع لجامعة الدول العربية سمى ( جيش التحرير ) ، و لكنه اشتهر بـ ( جيش الانقاذ ) ، عين لقيادته اللواء / اسماعيل صفوت الذى لم يلبث حتى استبدل بالسورى ( فوزى القأو قجى ) ، و قد شكت بعض الدول العربية بجدواه ، و حأو لت بريطانيا بطريق غير مباشر ثنى العرب عن القتال حين تعهدت لهم : بانها سوف لا تسمح لليهود بغير حكومة لا تتعدى سلطتها قسما صغيرا من الساحل يمتد من جنوبى حيفا حتى تل ابيب ، بيد ان العرب بات معظمهم لا يثقون بالانجليز ، و لم تعد تتطلى ، عليهم حيلهم ، حيث لم يجدوا للرد على الانجليز ، و لاشعارهم بانهم مدركون لالاعيبهم الا ان اهتموا بتسليح هذا الجيش ، و تدريبة .
ومع ان هذا الجيش انعش امال العرب ببسالته ببعض المعارك ، و ابعادة الخطر عن بعض المدن الفلسطينية ، و بمعارنته المجاهدين الفلسطينيين فى بعض معاركهم كان يعاب عليه :
- تاخرة بالقتال نزولا عن درغبات بعض المسؤولين العرب الذين تعهدوا للانجليز بانه لن يشارك بالقتال الا فى اعقاب انسحابهم من فلسطين .
- قبولة التنسيق مع قائد اجنبى لجيش عربى ، و اقتصار استعادنته بالخبرات العسكرية الانجليزية دون غيرها من خبرات اجنبية مسأو ية لها ان لم تفقها ، و تمتاز عنها بتعاطفها مع العرب ، و تاييدها المطلق للفلسطينيين .
- كانت نسبة الفلسطينيين فيه لا تتناسب مع أو لويتهم بالدفاع عن وطنهم .
- تشكيلة من عناصر متباينة الاهواء و المواقف ، فالى جانب المشهود لهم بالوطنية و الكفاءة و الاستقامة و العلم ضم : نفعيين ، ومن لاتهمهم القضية ، أو يمتازون بالمشاعر القومية .

الفصل الخامس : الرحيـــل و المواجهـــه

انهى الانجليز انتدابهم على فلسطين فى 15 ايار ( مايو ) سنة 1948 م بعد ما ينيف على ثلاثة عقود كانت سنواتها ثقيلة حزينة ، كلها الام ، و مؤامرات حيكت بحسب متطلبات كل مرحلة الى ان اكتملت حلقاتها بالتقسيم ، و اكساب : اغتصاب الارض ، و ارتكاب المجازر ، و تشريد اصحاب الحق شرعية دولية ، و الاعتراف الدولى بكيان اقامتة عصابات قذفها العالم ، و نفتها الامم من حياتها بعدما عانت منها ايما معاناه .
واذا كان الفلسطينيون طوال مدة الانتداب لم يشعروا لحظة بالامن ، و شردوا ، و صودرت املاكهم ، ولا تكاد توجد ارة فلسطينية ليس فيها شهيد ، فالظلم الذى وقع عليهم ، والشتات الذى اصابهم مصدرهما : ادعياء الحريات ، و حقوق الانسان ،و التمدن ، و المتشدقين بالديمقراطية ، و تقرير المصير .
و هذه لا تصم هؤلاء فقط بالعار ، بل ادانة لهم بمناصرة الباطل ، و مباركة القتلة ، و بالعمل ضد الشرائع و القوانين ، و بتامرهم على الضمائر ، و المشاعر الانسانية ، و تزوير التاريخ ، و التلفيق ، و قلب الحقائق ، و تضليل المجتمع العالمى باستحقاق من لا يستحقون .
و الانجليز بخاصة لم يكتفوا باعطاء مالا يملكون بوعدهم ، و بالتالى : تعريض شعب باكملة للقتل و التشريد ، و مساعدة اليهود ، و خديعة العرب ، و تجنيد العملاء ، بل زادوا بمشاركة الولايات المتحدة ،
و بعض الدول الأو روبية فى اروقة الامم المتحدة لاقرار التقسيم ، ومن ثم للاعتراف بدولة يهودية على ارض فلسطين العربية .
وموهوا مراعاة لمصالحهم فى العالم العربى ، و لتجنيب اصدقائهم من العرب الحرج ، فاخروا لبعض الوقت اعترافهم باسرائيل ، و لكنهم رفعوا رقابتهم قبل رحيلهم عن فلسطين عن ميناء تل ابيب الذى من خلاله كانت ترد الكميات الكبيرة من : الاسلحة ، و المعونات ، و يتم استقبال الاعداد الهائلة من المتطوعين و المهاجرين فى حين منعوا العرب حتى من اتخاذ التدابير الدفاعية ، و معلوم : انهم عند انسحابهم تخلوا لليهود عن مستودعائهم ، و معسكراتهم ، و مطاراتهم .
و الانكى : موقفهم العاجز ، أو المتواطئ بتخيلهم عن مسؤوليتهم كسلطة ، وما تملية عليهم : مسؤوليتهم الادبية و الانسانية بتركهم العصابات اليهودية تعيث فسادا ، و ترتكب المذابح ، و تنسف بالمتفجرات القرى و البلدان ، و تفرغ الدور من اصحابها .
رحلت بريطانيا عن فلسطين بعد ان حولتها الى وطن لقوم غرباء عنها ، و تسبب بتشريد اهلها ، و سلب حقوقهم ، و قيام الحروب ، و غرس العدأو ات ، و تسميم الاجواء ، و توتير المنطقة ، و تهديد السلم العالمى ، و ان شعرت بان اليهود انكروا فضلها انطلاقا مما وعدهم به الله بزعمهم ، و نظرتهم الدونية لما يسمونهم : الاغيار ، لم يعد بامكانها : التراجع بعدما ارتهنوها بقوة امريكا ، و جماعات الضغط ، و انكشاف سياستها التىكانت
قائمة على المماطلة ، و الغموض ، و الخداع ، واخفاء النوايا التى طالما غررت بها الشعوب ، فغربت شمسها ، و اسودت صفحات تاريخها .
اسرائيل:
تزامن انهاء بريطانيا انتدابها على فلسطين مع اعلان اقطاب الصهاينة لدولتهم بمسمى : ( دولة اسرائيل ) بعد اجتماع عقدوة يتل ابيب قرروا فيه ان تبدا ممارسة صلاحيتها كدولة مستقلة فور انسحاب حكومة الانتداب التى بداته باليوم السابق لاعلانه فغمرت الفرحة المشوبة بالخوف بسبب استعداد العرب لخوض حرب معها يهود العالم ، و قد دعى لرئاستها من الولايات المتحدة وايزمن الذى كان بمهمة فى الامم المتحدة للحصول على اعترافات الدول تقديرا لجهودة ، و دعاة لواشنطن حال علمه باختياره رئيسا لاسرائيل الرئيس ترومان ، حيث استقبلة بحفأو ة بالغة .
كانت فى مقدمة أو لويات اسرائيل : اعترافات الدول ، و باقل من ساعة على اعلانها : اعترفت الولايات المتحدة ، و زادت فى ان طالب سفيرها فى الامم المتحدة : اعتراف الدول بها ، وفى اليوم التالى : اعترف الاتحاد السوفيتى ، و تلته : المنظومة الاشتراكية ، و بعدها : بعض دول امريكا اللاتينية ، و يعزو ايزمن تاخر اعتراف بريطانيا ،
وفى محأو لة دون توسع الاعتراف باسرائيل ، و للتشويش على تنظيماتها ، و اشعار العالم بالحق العربى بفلسطين ، و كان حتى هذا الوقت 80% من فلسطين بايدى العرب ، و ايضا : غالبية السكان مما يعنى : انهم الاحق بتولى مقاليد الامور ، طالب الفلسطينيون جامعة الدول العربية اعترافها بدولة فلسطينية تحل محل حكومة الانتداب بعدما انتفى برحيلها : تمثيل فلسطين بهيئة عليا ، و لتملا الفراغ ، و تفسد المشروع الصهيونى ، و لكن من المؤسف جدا : اصطدام هذا المطلب برفض قاطع من بل دولة مجأو رة كانت دائما تقدم الشخصى على العالم تعويضا لعقدة الحجم ، و افرازا لاحباطات لاحقت مؤسسها .
لقد رفض المطلب بالجامعة العربية السعودية تمشيا مع ميثاقها القاضى بالاجماع ، و لعل واضعى الميثاق لم يشاءوا الترجيح الذى استغل – احيانا – لاهداف شخصية ، فيه الغاء للاختلاف الذى اذا خلصت النية ، سيؤدى تعدد الاراء لحوار يفتح ابوابا معرفية ، و تتسع مساحة التجارب و الخبرات ، و تتنوع فى اطارة المعطيات ، و تتفاعل مختلف وجهات النظر ، الامر الذى – حتما – سيشبع الموضوعات المطروحة بحثا و تمحيصا .نظرتنا لاسرائيل مختلفة عن غيرنا ، خاصة عند طرح الصراع بهيئة الامم المتحدة التى تنظر لهذا الصراع كقضية سياسية فى الامكان حلها عن طريق التسويات ، و الدول التى ترى : انها وجدت لتبقى ، و أو صدت البحث بمسالة وجودها برغم علمها بانها : دولة مصنوعة ، و كيان مفتعل ، و جسم غريب
حتى ، وان قبلنا بقرارات الامم المتحدة ، و التسويات فالقرارات ضربت بها اسرائيل عرض الحائط ، و المواثيق ، و بعض التسويات : اما ابعدتها عن نصيبها ، و اما تنصلت و ما طلت ، و هى باصرارها على الباطل ، و مكابرتها تسقط ممارستها الارهابية على المطالبين بحقوقهم ، و المناضلين لتحرير وطنهم .
قبولنا بالتسوية ، و القرارات ، و المعاهدات ، لا يجب ان ينتزع من تفكيرنا : ان الصراع صراع وجود لا حدود ، و يحول نظرتنا لها ككيان مفروض هدفة : التوسع فى الارض ، و الاستيلاء على الثروات ، و اضعاف العرب ، و هذا يستدعى : تصعيد مواجهة تحدية ، و الابقاء على كرهة ، و حاله الغليان تجاهة ، و الاستنفار ، و الاستعدادا مهما طال الزمن حتى لا يتسلل لعزائمنا الاسترخاء ، و تفترهممنا ، فنستسلم للاحباط الذى يهمشنا .
اسرائيل استطاعت بتزوير التاريخ ، و قلب الحقائق ، و استدرار العوطف ، و الترغيب و الترهيب ، و بالعملاء و قوى الضغط ، وبالمكر و الدهاء ، ومن خلال : الفن و الادب ، و الاعلام و الجنس ، و التهويل ، و معاداه السامية : ان تشعر معظم الأو روبيين بالذنب ، و تحملهم مسؤولية وقع الظلم على اليهود ، فابتزازهم ، وضمنت تاييد اكثر دولهم .
اسرائيل بوضعها الحالى : غريبة عن زمانها لتعلقها بالاساطير ، و ايمانها بالخرافات ، و تاطيرها للماسونية ، و دسترتها للصهيونية ، و تشريعها للاعمال الوحشية ، و بحثها عن الأو هلم ، و تكريسها للعنصرية ، و التمييز و الطبقية ، و اشاعة العدوان ، و قد تغذت من اثداء الارهاب ، و هى محصلة لافتراءات حاخامات بيت دأو د ، و غدر ( يهوذا ) ، و احقاد ( شايلوك ) ، و عهر ( سالومى ) ، وردة ( السامرى ) ، وانهم اليهود عبر التاريخ .
وعن المكان لكونها : اغتصبته ، و شردت اصحابة ، و قامت على مالا تملك ، ووجدت فيه من غير شرعية ، أو حق ، اغتالت ، و ذبحت و سرقت ، و سلبت ، و غدرت ، و تامرت ، و بذرت الشرور ، و كانت ولادتها سفاحا ، وبمخلوق شوهته نيران الحقد و البغض ، و لوثته مزابل التاريخ ، و المستنقعات الاسنة .
اسرائيل خرجت من رحم : الجريمة و العذابات ، و الحرب و الدمار ، و الرياء ، و الربا ، و مشاعر النقص ، و اللا انتماء الا للمال الذى الهته ، و الاكاذيب و المؤتمرات ، و الانتهازية و الابترزاز ، و جماع حثالات مختلف الاجناس ، و عهار العالم ، و المفسدين فى الارض و الكافرين بالقيم و الاخلاق و مصاصى الدماء .
اسرائيل فضيحة العصر ، و جريمته الكبرى ، و عار العالم المعاصر ، ووجودها دليل ساطع على هجميته الذين صنعوها ، و انحطط فكرهم و مسلكهم ، و جبنهم و تخلفهم رغم بلوغهم اعلى مراحل القوة ، و لكنها قوة مفرغة من التحضر الحقيقى الذى لا يتوافر الا بالرحمة و العدل ، و مراعاة الجوانب الانسانية .
ان اسرائيل دولة باطل قيامها ، و هش كيانها لانها :
أو لا : لا تتكئ على سند قانونى ، و حق تاريخى ، حيث نتج عن قيامها : تشريد شعب ، و اغتصاب ارضة التى عمرها ، و زرعها منذ الاف السنين .
ثانيا : قامت على وعد لا تملك الدولة التى اصدرته حقا باصدارة لا من الناحية الفعلية ، أو القانونية حين صدروة ، و بعد انتدائها على فلسطين خالفت الاهداف التى تضمنها قرار عصبة الامم ، و خانت الامانة فى ان تكون حارسة عليها ، حتى ، وان كان ما تضمنه القرار يفتقر للمصداقية ، لانه كان لتبرير الاحتلال ، فهذا لا يبرر تخلى بريطانيا عن مسؤولياتها الامنية – على الاقل – لتتيح للعصابات اليهودية : ارتكاب ابشع المذابح .
ثالثا : اقرار الامم المتحدة للتقسيم جاء ارضاء لدول عظمى ، وطاعة لأو امر ، وما يمكن اتعبارة : رشوة دفعت لدول مقابل تصويتها على التقسيم ، و هذه اسباب كافية لاسقلط اهلية هذه الهيئة .
رابعا : اسرائيل ، و ان ادعت حقا ، ولوحت بتفوقها العسكرى ، و خوفت بقوتها النووية ، و استندت على جماعات الضغط الصهيونية فى الدول المؤثرة ، و حأو لت : التظاهر بالتماسك ، فانها قلقة على مصيرها ، و خائفة على مستقبلها حيث نرى الهاجس الامنى ديدنها .
خامسا : سياقات التاريخ تعمل ضدها ، و الزمن فى غير صالحها ،
حتى الذين يؤيدونها أو يتظاهرون بتاييدها خوفا من تهمة اللاسامية ، أو لمصالح شخصية يرون فى نزعتها التوارتية ، و اهدافها التلمودية : خطرا لابد من الحد منه
سادسا : انها دولة محتلة لابد من الحد منه .
أ‌- قيامها على مالا تملك ، و جهاد ، و مطالب اصحاب الحق لا يمكنها من الاستقرار .
ب‌- وجودها بوسط كارة ، متكاملة عناصر وحدته ، و مرفود بامم كثيرة تؤاخية بالعقيدة يشعرها بعنف المواجهة .
ت‌- وضعها : الديموغرافى ، و الجغرافى ، و الحضارى ، و محدودية مخزونها الثقافى يحجم كيانها .
ث‌- اعتمادها على قوة خارجية يهز ثقتها بنفسها .
ج‌- تناقضية توارتيتها و عنصريتها مع ايدلوجياتها الحديثة .
ح‌- تركيبة شعبها غير المتجانسة تسببت فى :
1. تباعد حضارى ، و اجتماعى بين شرائح مجتمعها .
2. تباين ثقافى و اقتصادى و عرقى ادى الى :
أ‌. الطبقية ، و التفرقة العنصرية .
ب‌. عدوات و حساسيات .
سابعا: افتقار اسرائيل للاصالة ، و التجذر بالمنطقة ، و الثبات الاقتصادى ، و العمق الاستراتيجى يجعلها .
ج- تشعر بالغربة ، و الخوف مما تخبئة لها الايام .
ثامنا : رغم ما يقال عن : تكنلوجيتها ، و اليتها العسكرية ، و ديمقرطيتها ، فهى دولة مرعوبة ، و تتاكل نظرا للاتى :
أ‌- الشعب الفلسطينى بوطنة و المنافى ، شعب حى و متماسك ، و مؤمن بعدالة قضيتة ، و مصر على استرداد حقوقة ، و يمتاز بتضامنة ، و نضج وعية ، و شدة باسة ، و بسالة مقأو متة ، و دائما يتكاثر ، و على كل الساحات يحضر .
ب‌- الامة العربية قوتها كامنة باجتماعها ، و صفتها الاصلية : التفوق فى : الملكات و المواهب ، و القدرات الفكرية ، و الطاقات
ت‌- العلمية ، وان لوحظت انقلسماتها ، فعند الشدائد تزول ، وما العزوف عن : العمل بروح الفريق ، و البحث و التجريب سوى حالة عابرة .
ج- اسرائيل من الدول التى لا تعى الاسلام ، ولا تحسن التعامل معه ، و تجهل ماهية الحياة المدنية ، و مستلزمات التفاعل ، و نظرتها للسلام تمويهية ، لان كيانها قام على الحرب و العدوان .
اسرائيل تستهدف : تحطيمن السلم العالمى ، و تخريب القيم ، و تاصيل ثقافة الحرب حتى يتخلق عالم تركعة ، و الناظر بتمعن لعلمها ،
و شعارها يجد : انهما ماخوذان للتذكر و التسميم ، و التوثب ، و الانقضاض على غير اليهود .
لون العلم الاسرائيلى هو لون رداء الصلاة اليهودى المكون من اللونين الازرق ، و الابيض تتوسطة ( نجمة دأو د ) ، و شعارها عبارة عن : شمعدان يقدسة اليهود من سبعة فروع تنتصفة ( افعى ) تنفث سمومها ، من بدء زحفها براسها من فلسطين ، ولا يكتمل التفافها الا بعد التقائة بذيلها ، حينها يموت بسمها كل من ليس يهوديا بالعالم ، أو يذل و يضعف فيكون خادما .
مما سبق نخلص الى : ان اسرائيل مخنوقة بعدم الشرعية ، و عشعشة الخرافات بتفكير مجتمعها ، و النفور الذى تقابل فيه من مجتمع دول اتلمنطقة ، و ضعف مواردها الطبيعية ، و اعتمادها على الاعانات الخارجية ، و القلق مما سياتى ، وهى عوامل دعتها للبحث عن حلفاء بالمنطقة لعقد اتفاقات عسكرية معهم ، وقد نجحت على المستوى المتغير لان الثابت رافض لها .
الحرب العالمية الاسرائيلية الأولى:
اقرت الدول العربية بعد عدولها عن ايكال مهمة الدفاع عن فلسطين للفلسطينيين انفسهم ، الدخول بحرب رسمية بجيوشها النظامية ، و كانت الاحداث قد تطورت تطورا خطيرا ، و رغم ان الجيوش العربية – يومذاك – ينقصها : التدريب العالى ، و السلاح الحديث ، و الخبرات العسكرية ظن الكثيرون : انها ستكون حربا سهلة ، و بينهم من بلغ بهم الاستخفاف بان حسبوها : نزهة ، وان اليهود يعتمدون على عصابات لا تملك من القوة و الخبرة ، و العدد ما يؤهلها لمواجهة سافرة مع قوات نظامية تفوقها : تدريبيا ، و تسليحا ، و عددا .
و يبدو انهم قاسوا على ما حققة اللمجاهدون الفلسطينيون فى البدايات ، و جيش الانقاذ ، و ايضا : وضع اليهود قبل وصول المزيد من المهاجرين ، و الخبراء ،و المتطوعين ، و الاسلحة ، و تدفق المساعدات ، و لكن ما كان يجب ملاحظته حتى قبل انسحاب البريطانيين : ان العصابات الصهيونية كانت مشروع جيش نظامى راى المسؤولون الصهاينة : انه لابد قبل تحويلها ان تبث الرعب بالمجازر ، و نسف المنازل ، و اجراء عمليات تفريغ من السكان العرب فى الاحياء ، القرئ و البلدات ولم يكفها ذلك ، و انما اخذت تلاحق الفارين العزل المسالمين ،و تقتل كل من تدركه دون تمييز ، و حين شاع ما تقوم به هذه
العصابات القى الزعماء الصهاينة اللوم على المتطرفين ، بينما هم الاكثر تطرفا وحقدا ، و العصابات تاتمر بأو امرهم ، و تنفذ مخططاتهم .
استدعت هذه التطورات الخطيرة : احتشاد الجيوش العربية على حدود فلسطين فى يوم 14/5/1948م ، و صدر عن الحكومات العربية بيانات أو ضحت فيها : ان الهدف : تحرير فلسطين ،و اعادتها كاملة لاهلها ، و تولية ( حكومة عموم فلسطين ) ادارة شؤونها بعد تحريرها ، انتعشت امال النازحين الفلسطينيين بالعودة ، و انتشت الجماهير العربية فى كل مكان .
انه مع تواضع امكانات هذه الجيوش ، و محدودية تسليحها ، كانت معنوياتها مرتفعة جدا و استعدادتها كبيرة ، وبدت ملامح البشر ،و الفخر على وجوه كل المشاركين من : قادة ، و ضباط ، و ضباط صف ، و جنود ، و قد وضع رؤساء اركانها خطة حربية محكمة ووحدت بقيادة عليا برئاسة الملك عبد الله بن الحسين .
خاضت الجيوش العربية الحرب ، فحققت انتصارات باهرة و توالت نجاحاتها ، و سجلت بطولات مذهلة ، و ابدت فى ساحات القتال استبسالا يقل نظيرة ، فحررت معظم المناطق التى احتلها اليهود ، و استخلصت كل المواقع و النقاط الاستراتيجية التى استولوا عليها ، فباتوا محاصرين من كل الجهات ، الا انه ، و المعارك حامية ، و النشوة بالانتصارات بعزها ، و كان الحسم قاب قوسين أو ادنى انقلب الحال راسا على عقب لسببيين : التغيير المفاجئ للخطة التى وضعها : رؤساء
الاركان ، و تسليم ( اللد الرملة ) من غير قتال ، فدب الارتباك فى الصفوف ، و انعدم التنسيق ، و ثارت منأو ات و خلافات ، و انسحاب جيش الانقاذ ، واجبرت بعض الجيوش العربية من مراجعها على اخلاء المناطق التى استردتها ، ورفع حصارها عن اليهود المحاصرين .
رغم انكشاف الاغراض الخاصة ، و افتضاح الاطماع ، وما حل بالجيوش العربية بسبب تغيير الخطة ، ظلت بعضها فاعلة تؤرق اليهود ، و تقص مضاجعهم ، فما كان منهم الا ان لجأو ا للامم المتحدة يطالبونها بوقف اطلاق النار ، فاصدر مجلس الامن بضغوط انجلو امريكية قرارا بوقفة .
الهدنة :
بدات بصدور قرار مجلس الامن فى 22/5/1948م بوقف اطلاق النار ، وعلى اثرة تم انسحاب الجيوش العربية ، و كانت فرصة ذهبية لاسرائيل فى ان اغتنمتها واعادت تنظيم نفسها ، ووصلتها كميات من الاسلحة ،و الكثير من الخبراء العسكريين و المتطوعين اليهود ، و لكنها رغم ذلك عجزت عن : الاستيلاء على مساحات كبيرة من الارض ، لان كتائب التحرير التى تكونت من المتطوعين العرب بقيت تناضل ، و تحد من تحرك الاسرائليين ، و تنزل بهم الخسائر الفادحة ، الامر الذى دعاهم للاستنجاد بمجلس الامن الذى قرر فى 15/7/1948م ، وقف اطلاق النار مرة ثانية ، و بعد اربعة ايام انسحب المقاتلون العرب .
وقعت الهدنة سنة 1949م ، بجزيرة ( رودس ) اليونانية بموجب اتفاقات بين كل من : مصر و سوريا و لبنان و الاردن من جهة ، و اسرائيل من جهة اخرى ، و بقيت : المملكة العربية السعودية ، و العراق فى حالة حرب ، و خلال الهدنة استفادت اسرائيل من : الاختراقات ، و تعززت مواقفها بزيادة قدراتها ، و المساعدات ، و التوسع ، و اعلن الاردن ضم : الاجزاء المتبقية التى تكونت منها : الضفة الغربية بفلسطين ، و بذلك : انتهت الحرب العربية الاسرائيلية الأو لى بماساة حلت بالعرب بفعل الخيانات و التامر ، و الخدع و الخلافات ، وسوء التدبير و الاطماع .