لعلة من المفيد اجمال ما تقدم فى ان ضياع فلسطين الذى يبدو بنظرنا : انه سوف لا يكون ابديا اذا تسلح العرب بالايمان و الصبر ، و الاحتفاظ بالامل ، و عدم الياس ، و تضامنوا و تواصلوا ، و احترموا بعضهم ، و تعانوا و تكاملوا ، و سمح للشعوب العربية بالمشاركة ، و كلفت حقوقها ، و شجعت المواهب ، و تعمقت نهضتها بكل ما هو مناسب ، و بالبحوث و الاحتياجات العلمية ، و بالتفاعل مع جميع المعطيات ،و الانفتاح المحروس بالقيم .
اننا بزمن عابة اهله بالظلم ، و جفاف العواطف ، و غيبة الحب الحقيقى ، و الحس الانسانى ، و المفاخرة بالفجر و الشذوذ ، و المجاهرة بالمجون ، و الجرى خلف الملذات ، و الانانية و الاستحواذ ، و انطبع بالخروج على القانون ، وشيوع الجريمة ، و تعاظم نفوذ العصابات ، و بالعصيان ، و التعدى و الاغتصاب ، و عبادة المال ، و التفكك الاسرى ، و تقديم المصلحة فى العلاقات .
زمن سادته الانتهازية ، و غاب عنه العدل ، و قبح بالباطل ، و استبداد الضالين ، و القساة الذين لا يرحمون مسكينا ، ولا يساعدون محتاجا ، و الغلبة فيه لمن ماتت ضمائرهم ، ورؤساء المافيات ، و النجومية فى : العرى ، و الهبوط ، و الرثاثة ، و سمته التشدد ، و التمييز العنصرى ، و جحدان الفضل .
زمن انقلبت فيه الموازين ، وصارت قيمة نفعية ، و الحياة عاصفة ،و التحديات عاتية ، و تباغضت الامم ، و تباعدت القلوب ، وان لا ننكر ما بلغته مدنيته من تطور فاق التصورات : معيشيا ، و صحيا ، و احتراما للمواطنة ، و توفيرا لكل انواع الضمانات ، وتلبية لمختلف الاحتياجات ، و تقاربت شعوبه بثورة الاتصالات ، و تنعمت بتقنياته و صناعاته ، فهذه مقصورة على دول قليلة ، و ما كان يقع فريسة للأو بئة و الامراض و العوز ، اضعافة يذهبون اليوم ضحايا لحوادث السيارات و الطائرات ، و السموم من مخدرات و غيرها ، و امراض الجنس ، وما يخلفه التلوث ، و تسببة الاشعاعات .
و هذا التطور الذى بلغة الانسان بهذا الزمن لم يحل دون وقوع المجاعات ، و قيام الحروب التى تحصد الملايين ، و شيوع التخلف ، و تكاثر الفقراء ، مما يؤكد : انه تطور احتكارى ، يقوم على الابتزاز و القوة ، ولا يستفيد منه الا الذين بلغوه ، و القادرون على الاستهلاك الذين يبدو انه مطلوب منهم : وعى قيمة الانتاج و التصنيع لانهما : هدفان استراتيجيان لمواجهة التحدى ، و التخلص من التبعية .
كان العرب فى بداية القرن العشرين ، و حتى بعد قيام اسرائيل اضافة الى تدنى الوعى الشعبى : بين ساستهم من رأو ا : ان الحدة فى المواقف تاتى ردودها عكسية واتبعوا سياسة : اخذ الممكن اخذة ، و المطالبة من ثم بما هو اكثر ، و لكن يبدو : ان بعض القضايا ، و كانت بالنسبة للعرب ، و المسلمين ، و لا زالت : قضية فلسطين لا مجال لانصاف الحلول بشانها ، أو يقدمون مصلحتهم الخاصة على مصلحة امتهم .
ولا ندرى اكانت اجتماعات ، و مباحثات بعض الساسة العرب مع الكثير من الزعماء الصهاينة من بداية القرن العشرين ، وحتى الى ما بعد حرب حزيران سنة 1967م ، و قبيل معاهدات صلح ، بعض الدول العربية مع اسرائيل ، و انتعاش سوق التسويات و التطبيع ، ولا ندرى اكانت بهدف : الاخذ و المطالبة ، أو خوفا من ان التصلب يفقدهم سلطاتهم التى من شروط السلطة المحتلة عليهم عدم مخالفتهم ما تراه؟!
ان العرب امام امتحان فى غاية الصعوبة ، لا خيار لهم سوى اجتيازة ، و النجاح فيه بامتياز حتى يصلوا الى غايتهم ، لان عدوهم : شرس غدار جبار ، اعتاد المرأو غة ، ولا يؤمن جانبة باتفاق أو عهد بنقضة لهما ، و بكذبة ، و سطوه على حق الغير ، و بمهارته بالتمثيل ،و حياكة المؤامرات ، و التنصل من الالتزامات ، و تسويغ الاباطيل ،و تبييت الشرور ، و التغرير بالاضاليل ، وتكوين البئر ، و نصب الافخاخ .
العدو الصهيونى تسانده جماعات متنفذة ، و عندة قدرة على كسب الانصار ، و التمويه ، و قد استطاع فرض نفسة على الدول المؤثرة ، وهو حاضر بقلب الزمن : تقنية ، و علما ، و قوة ، و حضارة ، و ما يجدة من الدعم اللامحدود ، و هذه حتمية لا سبيل للعرب من مواجهتها اذا ارادوا استرداد حقهم ، و توفير الحياة الكريمة ، و الحضور فى عالم اليوم و الغد ،
صحيح : ان الخطاب العربى بدا يتعرف على نوعية تفكير الاخر ، و ثقافات الشعوب المختلفة ، و اخذ يتفهم دوافع الحكومات التى – فى الغالب – لا تستطيع مخالفة ما تراه : شعوبها ، و اتسم ببعض جوانبة : بالمنطق و المنهجية الا انه لا زال امامة الكثير للدخول فى لب الحياة العصرية ، و هذا يستدعى منه : ظهور بصماته على الاحداث و المستجدات من منظور علمى ، و منطلق موضوعى ، و يلزمة : الاسلوب التوضيحى ، و تجنب الانفعال و الاجترار.
على العرب ان يستغلوا رعب اسرائيل الناتج عن : اختناقها الديموغراقى و الجغرافى ، و حصارها الاستراتيجى ، فضلا على سوء سمعة اكثر ساستها اما بقصر النظر ، و الحمق و التعالى ، واما بدموية جنرالاتها ، و رؤساء العصابات التى ارتكبت ابشع المجازر ، و تحولوا الى قادة سياسيين و عسكريين ، و لكونها : مفتعلة و مرفوضة ، و مفككة بالتباين و التعارض ، و افتضاح ارهابها ، و ان تظاهرت بالقوة و التماسك ، و الثقة بالنفس ، و الطمانينة ، تبقى خائفة على مستقبلها الذى لابد ان يستغلة العرب لتدميرها .
يستغلون خوفها : بتصعيد المقأو مة ، و المقاطعة ، و تاصيل عدأو تها فى عقول و نفوس الاجيال العربية ، و تغذيتها بالتجارب التاريخية ، و قيم الحضارة الاسلامية ، و الثقافة العربية ، و توعيتها بعدم شرعية اسرائيل ، و خرافية ادعاءاتها ، و عنصرية ممارساتها ، و بانها : دولة معتدية و غاصبة ، و سلطة محتلة ، لا حق لها بالوجود على ارض شردت اهلها ، و صادرت ممتلكاتهم ، و ظلمت و اجرمت .
العرب يملكون أو راقا رابحة ان استثمروها مثل : تضامن العالم الاسلامى معهم ، و بمقدروهم : استقطاب اغلبية المسحيين بحقيقة المشاعر اليهودية تجاههم ، و بيان كرة اليهود للسيد المسيح ، وان بينهم مسيحيين شردوا ، وصودرت ممتلكاتهم ، و يتم اطفالهم ، ورمل نساؤهم .
عليهم : ان يستجيبوا لتحديات العصر الصعبة ، و مواجهة عدوهم بالتقنية ، و العلم ، و الفكر ، و شحن الطاقات ، و تعزيز مكانه الموهوبين ، و العلماء و المفكرين ، و تجنيد كافة الامكانات ، و الاعداد النفسى ، و الاستعداد العسكرى ، و ابطال مفعول الدعايات المضللة بالحضور الاعلامى المميز ، و حشد الجهود ، و توحيد الاهداف ، و الا نختلف على الاساسيات ، و العمل على تفعيل دور الجاليات و الاقليات العربية و الاسلامية فى المهاجر غير العربية ، و الاستفادة من خبراتها .
مطلوب منهم لضمان مستقبل جميل : التخلص من التبعية الحضارية حتى يفرضوا هيبتهم ، و تحترم كلمتهم ، و ذلك بتثبيت كياناتهم بالتضامن و التعأو ن ، و فهم المتغيرات ، و الوعى الناضج ، و دعمها بالمعرفة و الانتاج ، و تعميقها بالاطر و المؤسسات ، و حفظها بالقيم و القوة الدفاعية ، و اعلان تقدمها : بالنبل و الشرف ، و تتويجها بالرحمة و الفروسية ، و الانتقال من : التردد و الحيرة ، و الترضية و التسكين ، و الكلام ، و الاخذ بالجاهز ، و استسها لاستعمال المصنوع الى الحسم و التقرير ، و التفاعل و التاثير ، و التفكير و العمل ، و صنع ما يستعلمون ، و اكل ما يزرعون .
الاهداف غير النظيفة ، و الجشع ، و التعالى ، و الانحلال الاخلاقى مصدرها : اليهود الذين تسببوا بماسى العالم ، و الجور ، و الحروب ، و العنصرية ، واضطهاد القيم ، وانتشار الجريمة ، وشيوع الفواحش ، و التباعد بالفوارق الشاسعة ، و الحياة المادية تخطيطا للوصول الى بغيتهم التى زرعتها بتفكيرهم التوراه الحاخامية ، و التلمود ، و التاريخالملئ بالخرافات ، و المبالغات ، و الاكاذيب ، و الافتراءات ، و الفكر الصهيونى الحافل بالاضاليل ، و الحريض على العدوان و التخريب .
كل ما عاناه العالم ، و يعانية الان من اليهود ، وان بدا منحسرا بفلسطين ، فالخطورة الاكثر ستحل بالغرب المكسيحى الذى نراه حاليا بفعل ما بذرة قيمة نفعية ، و كثير من كنائسة توراتية ، وهو فى الحقيقة : يغلف صليبيته بالعلمانية ، افسدوه بشتى انواع الانحرفات الفكرية و الاخلاقية التى تجرد الانسان من انسانيتة ، لانهم يركزون على ان تكون
سيادتهم للعالم من أو روبا ، و العرب مسئوليتهم تمتد للانسانية ، و اساطين الفكر الصهيونى يدركون : انهم قوة كامنة ، و مارد لابد من احكام المغاليق عليه ، و هذا ما وعته اسرائيل التى تعمل ما وسعها على اضعاف قدراتهم .
ذعر اسرائيل على مستقبلها يدعوها منذ تاسيسها الى : اثارة ما يعمق الشقاق ، و يخلق الازمات ، و يوسع الشقة بينها و بين العرب بهدف : استغلال أو ضاعهم غير المناسبة فتتحين الفرص لاشغالهم عن تقوية انفسهم ، و تنمية اقطارهم ، و اعداد الاطر الضامنة لتطوير حياتهم العلمية و الفكرية : بالحروب ، و التعديات و ارتكاب المذابح ، و الاستنفزازات ، حتى لا يلتقط العرب انفاسهم ، و يراجعوا انفسهم ، و يعلموا عقولهم ، و يستفيدوا بالتفاعل ، و من التاثير ، و تفعيل التراث .
سياسة اسرائيل التى املاها ذعرها : اضعاف العرب بمقتل ، و ان لم تنلة حتى تسترؤيح ، و تطمئن على مستقبلها ، فاهمال العرب لمقوم نهوضهم المتكامل ان طكال اكثر سيفقدهم مقأو مة اقل مستويات التحدى ، حيث سيكون لا حول الا بالاسلتسلام .
ربما تكون اسرائيل تجرى خلف سراب فى سعيها المحموم للقضاء على الثقافة العربية لعلمها بانها : مبعث حيوية العرب ، و نبض حياتهم ، و ملهمتهم الصبر و الصمود ،و معينتهم على المقأو مة ، و توليد العطاءات ، لانهم بها ، و ان تفرقوا واختلفوا – احيانا – وبدوا بحالة ضعف ، متماسكون ، و عليها مجتمعون ، و عدم اشغالهم بالحروب ، و الخلافات ،و العمل على انقسامهم الى معسكرات ، وفى الايدولجيات سيمكنهم من مواجهة اعتى التحديات ،و استعادة ما سلب منهم ، و يقدمهم فى الصفوف بين الامم .
ان اصعب تحد ، وأو ل مهمة ، و اجسم مسؤولية تجب على العرب : حماية ثقافتهم ، و تفعيلها ، و ترجمتها وعيا عاما ، و احضارها بفكر السياسى و العسكرى ، و نشرها كقيمة إنسانية ، ورافد علمى و فكرى ، و شعور بالجمال و النشوة ، لكونها من الثقافات المتفوقة بالتراكمات المعرفية القابلة للتفعيل و التفاعل ، و الهضم و الاستيعاب .
الأحد، 28 يونيو 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق